نيويورك تايمز: ماذا عن مصير 2600 معتقل في السعودية؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۳۲۳۲۳
تأريخ النشر:  ۰۹:۱۰  - السَّبْت  ۱۵  ‫دیسمبر‬  ۲۰۱۸ 
نشرت صحيفة 'نيويورك تايمز' مقالا للكاتبة كاثرين زيوبف، تشير فيه إلي المعتقلين السياسيين السعوديين، مطالبة الدول الغربية الحريصة علي حقوق الإنسان بالعمل علي إفراجهم.

نيويورك تايمز: ماذا عن مصير 2600 معتقل في السعودية؟طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وتقول زيوبف في مقالها، الذي ترجمته 'عربي21'، إن 'جريمة مقتل جمال خاشقجي ركزت انتباه العالم علي سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وهناك حاجة لتذكر ألاف المعتقلين السعوديين'. 

وتشير الكاتبة إلي عملها في جدة عام 2015، حيث قضت عدة أسابيع عمل فيها، وفي الليلة الأخيرة عرض عليها صديقها المستشار في مجال التسويق والناشط في مجال حقوق الإنسان فهد الفهد، القيام بجولة اعتقد أنها قد تساعد علي الكشف عن المناخ الجديد، وقاد سيارته باتجاه مسجد الجفالي، حيث يتم في ساحته تنفيذ أحكام الإعدام، وهو المكان الذي جلد فيه الناشط رائف بدوي أمام مئات من الناس. 

وتلفت زيوبف إلي أنهما ذهبا بعد ذلك إلي الصحراء باتجاه قرية ذهبان، حيث كانت وزارة الداخلية تبني سجنا ضخما فيها، وقال فهد إن السجن هو لاستيعاب العدد المتزايد من السعوديين الذين يدانون ضمن قوانين مكافحة الإرهاب، وشرح فهد أن هذه القوانين تستخدم في عهد الملك سلمان لسجن الناشطين السلميين، وعلق قائلا: 'في كل مرة أسمع فيها صوت جرس الباب أظن أن أحدا جاء لاعتقالي'. 

وتذكر الصحيفة أن سجن ذهبان المركزي افتتح بعد أسابيع من زيارة الصحافية له، ونقل بدوي ومحاميه وليد أبو الخير إليه، وبعد أربعة أشهر حصل الاعتقال الذي كان فهد يمقته وسجن في ذهبان، ويقضي فيه خمس سنوات بتهمة 'التحريض علي العدوان ضد الدولة' من خلال 'تويتر'، ويشمل الحكم عليه عشرة أعوام حظرا للسفر، الذي يتبع الإفراج عنه، ومنعا دائما عن الكتابة. 

وتنوه الكاتبة إلي أن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر في قنصلية بلاده سلطت الأضواء علي ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان وممارساته القمعية، متحدثة عن موقف الرئيس دونالد ترامب الداعم لولي العهد، ومحاولات الكونغرس منع الدعم الأمريكي لحرب اليمن، واقتناع أعضاء الكونغرس بعد استماعهم لمديرة المخابرات جينا هاسبل، بأن ولي العهد يقف وراء مقتل خاشقجي. 

وتجد زيوبف أن 'رغم الغضب المستمر بشأن مصير خاشقجي، فإنه لم يتم توجيه سوي قدر ضئيل من الاهتمام لمعاملة ولي العهد للناشطين داخل السعودية ومصيرهم، الذين لا يملكون القدرات المالية للخروج والعيش في المنفي'. 

وتفيد الكاتبة بأن هناك 2600 معارض في السجون اليوم، بينهم كتاب وصحافيون ومحامون ونساء ناشطات في مجال حقوق، بحسب منظمة 'سجناء الضمير'، وتمت إدانة معظمهم بناء علي قوانين مكافحة الإرهاب لأنهم مارسوا نشاطات لاعنفية، مثل 'انتقاد الديوان الملكي' أو 'التطاول علي الشخصيات الدينية'، مشيرة إلي أن قلة من هؤلاء معروفون في العواصم الغربية مثلما كان خاشقجي، إلا أن قصصهم ليست أقل أهمية من حالته.

وتقول زيوبف: 'لم تكن السعودية بهذه الصورة، وبالنظر إليها عن بعد فإن الملوك ربما كانوا متشابهين، ولا يمكن تفريقهم عن الحكام الطغاة، إلا أن الطريقة التي تم فيها التسامح مع المعارضة كانت مختلفة من حاكم لآخر، وتعتمد علي مزاج الحاكم والضغط الذي يتعرض له'. 

وتستدرك الكاتبة بأنه 'رغم النقد الذي تعرض له الملك عبدالله من الغرب، والهجوم الذي ناله من المحافطين لتشجيعه علي النقاش العام بشأن الإصلاح، إلا أنه بادر في عام 2003 إلي سلسلة من النقاشات العامة والحوارات مع قطاع متنوع من المجتمع السعودي، لمناقشة الحلول الممكنة لمشكلات البلاد، وبعد وصوله إلي الحكم عام 2005 منح مئات الآلاف من السعوديين منحا للدراسة في الجامعات الأوروبية والأمريكية'.

وتبين زيزبف أنه 'بحلول عام 2010 كان السعوديون من أكثر المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي مثل (تويتر) و(فيسبوك)، التي استخدموها للدعوة إلي حقوق أكثر وحريات أوسع، خاصة حقوق المرأة، وشعر الحاكم العجوز ومن حوله من المستشارين بالقلق عندما شاهدوا الحكام العرب يتساقطون، وتساءلوا إن ذهبوا بعيدا في فتح باب الحرية، وحاولت الحكومة شراء ولاء المواطنين بإنفاق المليارات علي الإسكان وزيادة الرواتب'. 

وتذكر الكاتبة أنه تم سجن أكثر الناقدين للحكومة، مثل محمد فهد القحطاني، وعبدالله الحامد، ومحمد صالح البجادي، الذين أنشأوا جمعية الحقوق السياسية والمدنية السعودية، مشيرة إلي أنه بعد وصول الملك سلمان إلي الحكم زادت معدلات القمع والإعدامات التي وصلت إلي مستويات لم تر منذ عقدين. 

وتبين زيوبف أن 'هذا التغير جاء نتيجة لتحول مقصود في الخطاب بقيادة الأمير محمد، الذي أصبح بعد أشهر من تولي والده الحكم مسؤولا عن النفط والسياسة الاقتصادية والقوات المسلحة، وتم التقليل من النقاش العام علي وسائل التواصل الاجتماعي، وانخفض النقاش الوطني العام عن التقدم، وتحول إلي الحديث عن التكنولوجيا، واعتبر عدد من المثقفين هذا التحول بأنه عملية لخدمة أهداف خاصة لنيل إعجاب الزوار الغربيين، الذين كانوا يخرجون من اللقاءات مع الأمير مادحين له'. 

وتشير الكاتبة إلي أنه 'بعد أن تقدم ولي العهد بخطته المعروفة (رؤية 2030)، التي أعلن عنها في نيسان/ أبريل 2016، التي تهدف لتنويع الاقتصاد السعودي، أصبح الضغط من أجل إجبار المواطنين والمثقفين علي تبني الخط الرسمي أكثر شراسة، وأصبح القمع ضد الناشطين أكثر قسوة، ولم يطل القمع السعوديين الذين لم يوافقوا علي خطة ولي العهد فقط، بل إن الأمير قاد حملة لمكافحة الفساد، وقاد بعد ذلك حملة لسجن الناشطين، مثل فهد، الذين انتقدوا حملة الفساد، وفي الوقت الذي سمحت فيه الحكومة للمرأة بقيادة السيارة فإن الأمير شن حملة ضد الناشطات اللاتي طالبن بحق القيادة، وذكرت منظمة (أمنستي) أن بعضهن تعرضن للتعذيب'.

وتقول زيوبف إنه 'خلال عام ونصف من حكم ولي العهد كانت الرسالة واضحة، وهي: الأمير يريد السيطرة علي الخطاب في البلاد، وهو مستعد ليقمع بوحشية من يعارضه ومن يتفق معه أيضا، لو حاولوا التعبير عن آرائهم في العلن، وكانت الرسالة التي أراد توصيلها للخارج هي أن الأمير هو الأمل الوحيد ومخلص البلاد، وصاحب الرؤية المصر علي إجبار مواطنيه علي المشي إلي المستقبل'.

وتجد الكاتبة أنه 'كشف عن زيف الخطاب الآن، فقد عري مقتل خاشقجي، الناقد اللطيف للحكومة، عدم تسامح ابن سلمان مع المعارضة، ويجب أن يكون السجناء السياسيون ضمن الحوار حتي لو لم يكتبوا مقالات رأي في صحيفة غربية مؤثرة، وحتي لو لم يكونوا ضيوفا علي حفلات عشاء في واشنطن ولندن'. 

وتقول زيوبف إن 'علي حلفاء السعودية، خاصة الدول الغربية والكونغرس، التأكيد علي إفراج المملكة عن السجناء السياسيين، وأدت جريمة مقتل خاشقجي إلي إمساك السعودية متلبسة، ما سيزيد من مطالب الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، وعلي القادة الغربيين الذين يطالبون بالانتقام لدم خاشقجي المطالبة بحرية زملاء خاشقجي من المعارضين'. 

وتختم الكاتبة محذرة ولي العهد، قائلة إن 'محمد بن سلمان قد لا يعلم أن هوسه بالسيطرة علي السعودية، والاحتفاظ بصورة المخلص للبلاد، سيعرقلان من جهوده الإصلاحية، ومن خلال إطلاق سراح المعتقلين، وتخفيف القيود علي حرية التعبير، فلن يحصل ولي العهد علي حسن نية وإسكات الدعوات الداعية لمعاقبة المملكة فقط، بل إنه سيعيد الرقابة المحلية علي السلطة التي ستزيد من فرص نجاح إصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية التي يزعم أنه يريد تحقيقها، وصديقي فهد وزملاؤه المعارضون وطنيون مثل خاشقجي، لا يريدون غير تكريس طاقاتهم ومواهبهم لتقدم بلدهم'.

 

انتهى/

رأیکم