ليس هناك أسوأ من قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي إلا أن يكون جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب، هو كبير المحامين للدفاع عن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، فيها، فنسبة كبيرة من مصائب ولي العهد السعودي تعود في رأينا إلى علاقته الشخصية القوية مع هذا "الصهر"، والاستماع إلى نصائحه، خاصة تلك المتعلقة بتبني "صفقة القرن"، ومحاولة تسويقها كحل للقضية الفلسطينية، وإنفاق مئات المليارات على شراء صفقات أسلحة والاستثمار في أمريكا.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - كوشنر خرج عن صمته بشأن اتهام بعض المؤسسات الأمريكية للأمير بن سلمان بأنه هو الذي أعطى الأوامر لفريق الموت بقتل الصحافي السعودي وتقطيعه وإخفاء جثمانه، وظهر اليوم على قناة "فوكس نيوز" المفضلة لحماه (والد زوجته إيفانكا) ويصف صديقه الأمير السعودي بأنه رجل إصلاحي، ولعب دورا كبيرا في تتبع منابع الإرهاب وتمويله، وأن النتائج التي توصلت إليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وتؤكد أنه من اتخذ قرار الاغتيال، ليس لها أي قيمة.
إن كوشنر هذا يشكل عبئا على والد زوجته الرئيس ترامب، مثلما يشكل عبئا على كل من يصادقه ويتحالف معه، بسبب ثوبه المليء بالبقع السوداء، سواء في شقه السياسي أو التجاري، وكان وراء إبعاد العديد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الأمريكية والبيت الأبيض، لرعونته وغطرسته وقلة خبرته، حتى طفح الكيل بكبير موظفي البيت الأبيض، وسحب منه الامتيازات الأمنية.
النائب الديمقراطي إيليوت أنجل الذي من المتوقع أن يترأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي اعتبارا من شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، أكد أنه "يخطط لإجراء مراجعة شاملة للسياسة الأمريكية تجاه المملكة العربية السعودية، من الأعلى إلى الأسفل"، أي من الرئيس ترامب وحتى أصغر موظف في الإدارة، وعندما سئل عما إذا كان يعني ذلك التحقيق في العلاقة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكوشنر مستشار الرئيس ترامب وصهره أجاب "كل شيء مطروح على الطاولة".
الديمقراطيون خرجوا مسيطرين على مجلس النواب بعد حصولهم على أغلبية المقاعد فيه في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وستكون قضية اغتيال خاشقجي على قمة أولوياتهم، وسيستخدمونها ليس للإطاحة بكوشنر، وإنما حماه ترامب، وربما الأمير بن سلمان أيضا".
وهذا لا يعني أن الجمهوريين المسيطرين على مجلس الشيوخ لتمتعهم بالأغلبية فيه، يوافقون على ما يجري، بل إن صقورهم مثل ليندسي غراهام، وبوب ووكر (رئيس لجنة العلاقات الخارجية)، وماركو روبيو المرشح البارز في الانتخابات الرئاسية، ومنافس ترامب الشرس، كانوا من أكثر السيناتورات مطالبة بفرض عقوبات على المملكة العربية السعودية، ووقف مبيعات السلاح لها، بسبب حربها في اليمن واعترافها باغتيال خاشقجي وتقطيعه.
السيناتور الجمهوري غراهام تخطى كل الخطوط الحمراء عندما قال على قناة "فوكس نيوز" نفسها "ليس هناك أي شك لدى أي سيناتور حضر "إحاطة" مديرة المخابرات المركزية الأمريكية جينا هاسبل بتورط ولي العهد السعودي في مقتل خاشقجي"، وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك مستخدما أسلوب ترامب نفسه عندما أكد أنه "لولا الولايات المتحدة لكان السعوديون يتحدثون الفارسية خلال أسبوع".
لا نستبعد أن نرى تصعيدا غير مسبوق في الكونغرس لكشف كل الاسرار المتعلقة باغتيال خاشقجي ودور الأمير بن سلمان في هذه الجريمة بعد انتهاء عطلة أعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية نهاية هذا الشهر، بما في ذلك تشكيل لجنة تحقيق دولية.. وما علينا إلا الانتظار.
انتهى/