طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقال الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط، إن الحكومة السورية أكدت استعدادها للتجاوب مع المبادرات التي يمكن أن تساعد السوريين في إنهاء الأزمة شريطة أن تحافظ هذه المبادرات على الثوابت الوطنية والمتمثلة بشكل أساسي بالحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها أرضا وشعبا وأن يكون الشعب السوري هو صاحب الحق الحصرى في تقرير مستقبل بلاده دون أي تدخل خارجي وأنه لا مكان للإرهاب على الأراضي السورية.
وأوضح الجعفري أنه انطلاقا من ذلك فقد انخرطت الحكومة السورية بإيجابية وانفتاح في محادثات جنيف ومسار أستانا ومؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي، لكن العرقلة كانت تأتي دائما من الأطراف الأخرى التي كانت ترفض الحوار وتراهن على الإرهاب والتدخل الخارجي.
وأضاف الجعفري إن سوريا تعاملت بشكل إيجابي مع مخرجات مؤتمر سوتشي المتمثلة بتشكيل لجنة مناقشة الدستور الحالي، حيث قدمت رؤية عملية ومتكاملة لكيفية تشكيل هذه اللجنة وولايتها وآلية عملها وقامت بتسليم قائمة الأعضاء المدعومين من الحكومة السورية.
وجدد المندوب السوري التأكيد على أن إطار عمل اللجنة وولايتها محصور بمناقشة مواد الدستور الحالي بحيث تتم هذه العملية بقيادة سورية وأن يحترم المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا ولايته كميسر لأعمال اللجنة، مشددا على أنه لا يجب فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها “فاللجنة سيدة نفسها”، ذلك انطلاقا من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به شأن سوري سوري يقرره السوريون بأنفسهم، وبالتالي فإن سوريا لن تقبل بأي فكرة تشكل تدخلا في شؤونها الداخلية أو قد تؤدي إلى ذلك كما تعيد التأكيد على استعدادها للعمل النشط مع الدول الصديقة لإطلاق عمل هذه اللجنة وفقا للأسس والمحددات التي تم ذكرها آنفا.
وبين الجعفري أن سوريا رحبت بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مدينة سوتشي بخصوص محافظة إدلب في السابع عشر من أيلول الماضي انطلاقاً من حرصها على عدم إراقة الدماء، وهو الاتفاق الذي كان حصيلة لمشاورات مكثفة بين سوريا وروسيا وبتنسيق كامل بين البلدين وتأمل أن يحقق هذا الاتفاق أهدافه ولا سيما من خلال التزام النظام التركي بتطبيق تعهداته بموجب الاتفاق، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق مؤطر زمنيا بتوقيتات محددة ويشكل جزءاً من الاتفاقات السابقة حول مناطق خفض التوتر التي نتجت عن مسار أستانا، ومجددا التأكيد على أن مدينة إدلب كأي منطقة في سوريا ستعود حتما وقريبا جداً إلى سيادة الدولة السورية.
وتساءل الجعفري هل يعلم أعضاء مجلس الأمن أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي رفض تنفيذ اتفاق سوتشي حول ادلب الذي انتهى أجله قبل ثلاثة أيام وهل يعلمون ان هناك خلافات داخل تنظيم جبهة النصرة الإرهابي مع متزعميه حول تطبيق الاتفاق لأنهم يريدون الاستمرار في سفك الدماء.
وشدد الجعفري على أن إنشاء تكتلات سياسية وتحالفات عسكرية لا تدعى الحكومة السورية إلى المشاركة فيها هو عملية مشبوهة لا تخدم مصالح الشعب السوري بل تتحدى الدولة السورية وتشجع على استمرار رعاية الإرهاب إنما بغطاء سياسي، لذلك فإن تشكيل “مجموعة بروكسل” و”المجموعة المصغرة”، وأي هياكل أخرى دون مشاركة الحكومة السورية في هذه الهياكل السياسية لن يساعد على إحراز أي تقدم في العملية السياسية التي يفترض بها أن تكون سورية سوريا.
وقال الجعفري “سوريا ليست تحت وصاية أحد على الإطلاق.. لنتذكر مصير ما سمي اجتماع أصدقاء الشعب السوري الذي تم إحداثه بتدخل فرنسي في مراكش بتاريخ الثاني عشر من كانون الأول عام 2012 حيث كان هذا التجمع يضم 137 دولة واليوم انخفض عدد أعضائه إلى 12 وانهار لأنه لم يكن صديقا للشعب السوري، لذلك الحكومة السورية لا تعترف بأي خارطة طريق لا تشارك فيها ولا توافق عليها”، مشددا على أن الأمم المتحدة لا يجب أن تكون جزءا من تجمعات سياسية معادية لسوريا لأن هذه التجمعات بكل بساطة يتم إحداثها من خارج إطار مجلس الأمن ومن قبل قوى سياسية ترعى الإرهاب في سوريا وفي المنطقة.
وأشار الجعفري إلى أن الدول التي رعت الحرب الإرهابية على سوريا اعتادت على مدى السنوات السبع الماضية على الدعوة إلى جلسات استعراضية لمجلس الأمن واستغلال منابر الأمم المتحدة بشكل غير مسبوق حيث عقدت مئات الاجتماعات عن سوريا بعضها رسمي وبعضها غير رسمي، ذلك مع كل تقدم عسكري يحققه الجيش السوري في مواجهة المجموعات الإرهابية بهدف ممارسة الابتزاز والضغط السياسي على الحكومة السورية لعرقلة هذا التقدم لافتا إلى أننا نشهد اليوم فصلاً جديداً من سياسة الابتزاز هذه فبعد الإنجازات التي تم تحقيقها في اجتماعات أستانا المتتالية وانخراط الحكومة السورية بشكل إيجابي مع مخرجات مؤتمر سوتشي نرى كيف تداعت هذه الدول نفسها إلى محاولة خلق تجمع غير شرعي تحت مسمى “المجموعة المصغرة” لعرقلة وتعطيل إنجازات أستانا وسوتشي وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء لعرقلة العملية السياسية فمسار سوتشي هو الوحيد الذي أنجز شيئا مهما لأن الحكومة السورية هي جزء منه ولذلك نجح هذا المسار.
ولفت الجعفري إلى أن بعض الدول حاولت أن تضفي على ما تسمى المجموعة المصغرة “طابعا ملائكيا” من خلال الإيحاء بأن كامل أعضاء التجمع مهتمون بإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، متسائلا كيف يمكن لكيان يضم في عضويته دولا مولت ودربت ورعت المجموعات الإرهابية في سورية أن يدعي حرصه على حياة السوريين.. وكيف يمكن لكيان يضم في عضويته دولاً ارتكبت العدوان المباشر تلو العدوان على سورية ودولا زودت المجموعات الإرهابية بمواد كيميائية سامة وأخرى أصدرت العديد من الفتاوى الارهابية لتبرير الإرهاب ودولاً تحتل جزءاً من أرضنا أن يدعي حرصه على حياة السوريين وكيف يمكن لهذا الكيان الذي تلطخت أيدي بعض أعضائه بدماء الشعب السوري أن يدعي حرصه على حياة السوريين؟.
وقال الجعفري “توجد قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية وتركية على الأراضي السورية بشكل غير شرعي وهي منخرطة فيما تسمى المجموعة المصغرة فكيف تساعد هذه الدول سورية وهي تحتل جزءا من أراضيها”، داعيا مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف واضح برفض وجود هذه القوات الأجنبية ويدعو إلى وقف دعم الإرهاب ورعايته وتمويله بدلا من الدفع باتجاه انتشار الإرهاب في كامل المنطقة.
ولفت الجعفري إلى أن ما يسمى “التحالف الدولي” غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة وفي انتهاك صارخ جديد لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وصكوك حقوق الإنسان أقدم على اقتراف جريمة جديدة بحق المدنيين السوريين الأبرياء بعد أن قام طيرانه الحربي يومي السبت والأحد الماضيين باستهداف المنازل السكنية في مدينة هجين بمحافظة دير الزور بقنابل الفوسفور الأبيض المحظورة دولياً ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال، مؤكدا أنه بات واضحا للجميع أن هذا التحالف يحارب كل شيء في سوريا إلا الإرهاب إذ أثبتت ممارساته أن أهدافه تتماهى مع أهداف المجموعات الإرهابية في نشر الفوضى والقتل والدمار فضلا عن استمرار دعمه لتنظيم داعش الإرهابي ونقل عناصره إلى شرق الفرات لتنفيذ مخططاته العدوانية في سوريا.
وشدد الجعفري على أن الحفاظ على الحد الأدنى من مصداقية مجلس الأمن يستدعي حكما أن يباشر فوراً بإجراء تحقيق دولي بهذه الجرائم والتحرك الفوري لوقفها ومنع تكرارها وإنهاء الوجود العدواني للقوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية ومنعها من تنفيذ مخططاتها الرامية إلى تقويض وحدة وسلامة الأراضي السورية، “فالاستقرار المستدام في سورية يحتم انسحاب جميع القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي على الأرض السورية بما في ذلك القوات التركية والأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية والتي نعتبرها جميعها قوات احتلال يخالف وجودها على الأرض السورية ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الخاصة بسوريا”.
وأوضح الجعفري أن سوريا لم تتدخل يوماً في الشأن الداخلي لأي دولة من الدول الأعضاء وكانت حريصة دوماً على احترام أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وهي تؤكد اليوم حرصها على إفشال جميع محاولات الاستفزاز والتصعيد والتوتر التي تستهدف علاقاتها مع محيطها العربي والإقليمي والدولي، مبينا أن أول معالم هذا الحرص تجلى في إعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن وفي العمل على فتح المعابر الحدودية مع العراق قريبا جدا.
وأكد الجعفري أن الإنجازات التي حققتها سوريا وحلفاؤها في الحرب على الإرهاب أدت إلى تطورات جديدة داخل سوريا وفي المنطقة يجب أخذها بعين الاعتبار في أي مداولات حول الوضع في سورية وأصبح من الضروري وقبل فوات الأوان أن تراجع الأطراف والقوى التي تدعم الإرهاب مواقفها وأن تنضم إلى جهد دولي حقيقي لوقف الاستثمار في هذه الحرب الإرهابية فدعم الإرهاب والاستثمار فيه يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة والعالم على المدى القصير والمدى البعيد، وآن الأوان لأن يخرج البعض من حالة الانفصال عن الواقع وأن يتخلى عن آخر أوهامه ويرى الأمور بواقعية وعقلانية ويدرك بأنه لن يحصل بالسياسة على ما لم يحصل عليه بالإرهاب.
وشدد الجعفري على أن سوريا ماضية في السعي للوصول إلى حل سياسي سوري سوري يقرر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم دون تدخل خارجي وبما يضمن سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها ولذلك وانطلاقاً من احترامها لدور الأمم المتحدة في تسهيل الحوار بين السوريين فإن الحكومة السورية وجهت دعوة إلى المبعوث الخاص لزيارة سوريا خلال الأيام القادمة لإجراء مناقشات حول الجوانب المتعلقة بمهمته.
وفي رده على المندوب السعودي، قال الجعفري “تحدث السفير السعودي عن وجود إرادة لدى نظام بلاده لمساعدة الشعب السوري، متجاهلا أن هذا النظام هو المسؤول الأول عن نشر الإرهاب التكفيري الوهابي في سوريا والعراق ولبنان والأردن ومصر وليبيا وأفغانستان ونيجيريا وجنوب شرق آسيا، مشيرا إلى أن نظاما يسفك الدماء في اليمن ويتحالف مع “إسرائيل” لتصفية القضية الفلسطينية ويدفع بسخاء لشراء ذمة من يحميه ليس نظاما يستحق أن يسمح له مجلس الأمن بمخاطبته في معرض الحديث عن قضايا إنسانية وسياسية تتعلق ببلدان أخرى في هذا المجلس.
المصدر: سانا