أكد خبراء وسياسيون أن إعلان وزارة الداخلية المصرية مقتل 15 من العناصر المسلحة بمدينة العريش، يشير إلى أن العملية العسكرية التي بدأها الجيش المصري، في التاسع من شباط/ فبراير الماضي، لم تحقق النجاح الذي يزعمه النظام المصري.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في بيان لها، مساء الأربعاء 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أنها تمكنت من القضاء على 15 مسلحا، بعد مداهمة مزرعة كانوا يختبئون فيها بالعريش، بهدف الترتيب لتنفيذ عمليات عدائية خلال احتفالات السادس من أكتوبر المقبل.
ويؤكد نشطاء سيناويون أن العملية كانت تصفية وليست مداهمة كما زعمت الداخلية، ردا على سلسلة تفجيرات واقتحامات للكمائن الثابتة والمتحركة، والتي كان آخرها تفجير آلية عسكرية الثلاثاء الماضي شرق كمين منطقة أبو فريح جنوب رفح، نتج عنه مقتل 3 جنود، بالإضافة لوفاة مجند آخر نتيجة قنصه بالقرب من حاجز المهدية جنوب رفح.
ويشير الناشط السيناوي فراج العريشي لـ "عربي21" إلى أن وقوع قتلي ومصابين بقوات الجيش والشرطة، يحدث بشكل شبه يومي، سواء في العريش أو رفح، وهو ما يكشف أن ما يردده الجيش بأنه قضي على تنظيم ولاية سيناء أمر غير حقيقي.
ويكشف العريشي عن تجاوزات منظمة للجيش ضد أبناء سيناء، إما بهدف الانتقام لمقتل الجنود والضباط، وإما نتيجة البلاغات الكيدية من المرشدين الذين يعملون لصالح الجيش والشرطة، وإما بحجة التستر على المسلحين، موضحا أنها مبررات ليس لها أي أساس، وإنما الهدف منها إجبار أهالي سيناء وخاصة برفح والعريش أن يستجيبوا لعمليات النزوح التي ينفذها الجيش.
ووجه العريشي استغاثة عبر "عربي21" من خطورة الأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية للمواطنين، الذين تحولوا لرهائن حرب، يتم معاملتهم وكأنهم في سجن كبير يخضع لإجراءات انتقامية، تتمثل في هدم البيوت وتصفية واعتقال الرجال والنساء والأطفال، كما حدث قبل يومين مع زوجة الناشط السياسي ياسر العمدة و7 من عائلته، الذين تم اعتقالهم، لتأسيسه صفحة "انتفاضة اللهم ثورة" على فيسبوك.
ويضيف الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء حسين القوصي لـ "عربي21" أن هناك تعتيما متعمدا من القوات المسلحة لما يحدث بسيناء، وأنه يتم توجيه الرأي العام بالبيانات العسكرية الرسمية فقط، وهي بيانات تشيد بالعملية، ولا توضح ما الذي تحقق على أرض الواقع من الأهداف التي تم وضعها في بدايتها.
ويؤكد القوصي أنه بعد ما يقرب من 8 أشهر على بدء العملية التي استخدمت فيها القيادة العامة للقوات المسلحة كافة الأسلحة البرية والجوية والبحرية، وتولي مسئولية العمليات فيها رئيسي أركان، وخمسة من قادة الجيوش ووزيري دفاع، إلا أن العملية لم تعلن حتى الآن خلو سيناء من العناصر المسلحة، موضحا أن وجود 15 عنصرا في أحد المزارع بوسط العريش يؤكد أن ما يخرج عن الجيش من بيانات لا يمثل أرض الواقع.
ويشير الخبير العسكري إلى أن أخطر ما يحدث في سيناء الآن هو تقنين استخدام القوة المفرطة ضد المواطنين العزل، ومنح صلاحيات الحرب للقادة الميدانيين، ما يزيد الفجوة بين الأهالي وقوات الجيش، التي تري أن كل من في سيناء يتآمر عليها، وبالتالي أصبح كل الأهالي من وجهة نظرهم في حكم الإرهابيين.
ويضيف القوصي أن هذه السياسة العسكرية تمثل خطورة على أمن الجيش واستقراره بسيناء، لأنه نتيجة لذلك لن يستطيع بناء منظومة استخباراتية تساعده في الكشف عن المسلحين، كما أنه لن يتلقي أي دعم معنوي من الأهالي، ومهما كانت قوة الجيش وعدد قواته الموجودة في العملية، فإن صحراء سيناء وربوعها وتركيبتها سوف تظل لغزا أمام قوات الجيش طالما لم يعتمدوا على الأهالي.
ويشير الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ "عربي21" إلى أن الأموال التي تم إنفاقها على العملية العسكرية التي بدأت قبل ثمانية أشهر ولا يعلم أحد متى نهايتها، كانت كفيلة بحل أزمة سيناء، مع الحفاظ الكامل على مكانة الجيش المصري وهيبته لدى السيناوية.
ويضيف الشرقاوي أنه كان أولي بالجيش أن ينقل المواد الغذائية والبترولية لسيناء بدلا من العتاد العسكري، وأن يستغل الأهالي في محاصرة المسلحين والمتشددين بدلا من أن يحولهم لداعمين لهم، نكاية في الجيش وتصرفاته ضد الأهالي.
ويؤكد الشرقاوي أن هناك حالة من التذمر في قطاعات عديدة بالجيش من طول مدة الحملة، خاصة أن الأرقام التي تسربت عن عدد القتلى بين الضباط والجنود تصل لأكثر من ستين ضابطا وجنديا، من بينهم أكثر من 20 قتلوا خلال الأسابيع الماضية، في هجمات على أكمنة للجيش بوسط وشمال سيناء.
ويوضح أن المعلومات التي راجت عن قيام ولاية سيناء بفتح جبهات بوسط سيناء بعد التضييق عليها في الشمال، أمر يمثل صعوبة للجيش؛ نظرا لطبيعة الوسط الجبلية، وبالتالي سوف تظل المتاهة قائمة.
انتهی/