طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - بينما فتح النار على الحلفاء والأصدقاء على حد السواء وهاجم القيم الكونية والمؤسسات الدولية، تحولت كلمة رئيس أكبر دولة في العالم إلى مادة للضحك تسلى بها زعماء الدول.
ففي مقال نشرته اليوم الأربعاء صحيفة الواشنطن بوست، يرى الكاتب دانا ميلبانك أن ترامب تحول إلى مادة للضحك والسخرية، يتهامس الزعماء ويكتمون ضحكاتهم وهم يستمعون لخطابه الغريب أمام الدورة الـ 73للجمعية العامة للأمم المتحدة.
لقد كان العالم يضحك غالبا من حديث ترامب خلال الحملة الانتخابية "وها هو يضحك منا الآن، وبالخصوص من رئيسنا".
ومع أن الخطاب كان موجها لقادة العالم فإن ترامب بدا وكأنه في حملة انتخابية ويتباهى بالقول "في أقل من سنتين حققت إدارتي ما لم تحققه أي إدارة أميركية على مر التاريخ".
أمام هذه الثرثرة حاول قادة العالم مغالبة الضحك، وهي ردة فعل أقر ترامب لاحقا بأنه لم يتوقعها رغم أنه بدا راضيا عن خطابه.
وبالنسبة لهؤلاء الزعماء، بدت كلمة ترامب فكاهية جدا. وعلى مدى 35 دقيقة هاجم الرئيس الجميع، فلم يقتصر على خصومه مثل إيران وكوبا وسوريا وفنزويلا، بل انتقد بحدة الصين وألمانيا ومنظمتي أوبك والتجارة العالميةومجلس حقوق الإنسان.
وكذلك طال هيجان ترامب المحكمة الجنائية الدولية والدول الاشتراكية ومجلس حقوق الإنسان ومعاهدة الأمم المتحدة الجديدة بشأن الهجرة.
هدد الرئيس الأميركي المستفيدين من المساعدات الأميركية، ومعظم هؤلاء في أميركا الجنوبية وأفريقيا وأوروبا الشرقية وجنوب آسيا. وجدد وعيده بوقف المساهمة في تمويل قوات حفظ السلام الدولية.
الرئيس الأميركي تهكم على الأمم التي يمثل عدد سكانها 90% من سكان المعمورة. مليارات البشرية تعرضوا للإساءة في نصف ساعة.
سحقا للعالمية
الرجل الذي يقود أغنى دولة في العالم شدد على أنه لم يعد بإمكان أحد تحقيق مكاسب على حساب الولايات المتحدة، ولتأكيد تمسكه بالسياسات التجارية الحمائية قال "أميركا لن تعتذر عن حماية مصالح مواطنيها".
وفي كل عبارة استخدم فيها مفردة "العالمية"، كان ترامب يزدري من القيم التي قامت الأمم المتحدة أصلا من أجلها على أنقاض الحرب العالمية الثانية.
إن أميركا ترفض "الحاكمية العالمية، السيطرة والهيمنة. ولن تتخلى عن سيادتها للبيروقراطية العالمية المفروضة وغير الخاضعة للمحاسبة.. نحن نرفض الأيديولوجية العالمية ونؤمن بالعقيدة القومية".
وبينما كان يقرأ الكلمة التي كتبها مستشاره ستفين ميللر ويضيف لها مفردات مبتذلة، كان قادة العالم في القاعة يبتسمون ويتهامسون.
لقد صفق الحضور لرؤساء الدول الآخرين خلال إلقاء كلماتهم، بينما لم يفعلوا ذلك مع ترامب إلا في اللحظة التي كانوا فيها يضحكون منه وعندما أنهى كلمته.
كان الخطاب أمام رؤساء دول أجنبية، ولكن ترامب وجهه للاستهلاك المحلي بلهجة انتخابية من أجل إغراء جمهوره من القوميين الأميركيين.
ترامب في الأصل ابتعد عن العالم. وفي اليوم الذي ألقى فيه الكلمة اخترعت الدول الأوروبية آليات للتغلب على العقوبات الأميركية ضد إيران.
في ذات اليوم أيضا، عزف الإعلام الرسمي الصيني على الوتر الشعبي لتهيئة المواطنين لمواجهة الحرب التجارية التي بدأها ترامب.
وتوشك الإدارة الأميركية على تضييع الموعد النهائي للتوصل لمعاهدة تجارية مع كندا والمكسيك.
إن الخطاب الذي وجهه ترامب للعالم هو ذاته الذي يوجهه لمعارضيه المحليين: الإساءة والاحتقار.
وهذه مقتطفات من تعنيف ترامب للدول والمنظمات:
عن أوبك قال ترامب: "نحن ندافع عن الكثير من هذه الدول مقابل لا شيء، ثم يستفيدون على حسابنا".
وعن المكسيك: "لقد بدأنا بناء الحائط على غالبية الحدود".
وقال عن ألمانيا: "ستعتمدون كليا على الطاقة الروسية".
وفي منظمة التجارية العالمية: "الدول الأعضاء تتلاعب بالمنظمة لصالحها".
وبخصوص المحكمة الجنائية الدولية: "لا اختصاص لها ولا شرعية ولا سلطة".
الاشتراكية: "تسببت في المعاناة والفساد والخراب والظلم والاضطهاد. كل الدول يجب أن تحارب الاشتراكية والبؤس الذي جلبته للجميع".
وبينما قسا على دول ومنظمات، أشاد ترامب بشجاعة كيم جونغ أون والحكومة القومية فيبولندا وإسرائيل رغم أن الدولتين اتخذتا خطوات لتقييد الديمقراطية.
وأما بشأن روسيا، فلم يصدر عن ترامب أي انتقاد، وبالكاد ذكرها.
لقد كرس الرئيس الأميركي نصف ساعة أمام المنظمة الأممية لمهاجمة الأعداء والخصوم على حد السواء وتحطيم كل مجالات التعاون بين المجتمع الدولي.
الرئيس الأميركي نفسه يقترح على الدول الأخرى تبني شعارات حملته الانتخابية من أجل حل مشاكل العالم. وهذا أمر مسلٍّ.