نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن تأثير استهلاك الملح بشكل مفرط على صحة الإنسان، حيث يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة على غرار السمنة. ومؤخرا، كشفت إحدى الدراسات أن استهلاك الملح ليس مضرا بشكل كبير خلافا للمعتقد السائد.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الملح مثل السكر مضر بالصحة، والإفراط في استهلاكه يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية. ولكن كشفت دراسة كندية أن كلوريد الصوديوم لا يشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان كما نعتقد. فقد أكد الباحثون أن استهلاك الملح بشكل مفرط لا يشكل خطرا على صحتنا، وإنما يكمن المشكل في أن طعامنا لا يحتوي على نسبة كافية من البوتاسيوم.
وذكرت الصحيفة أن الدراسة التي أجراها فريق بحث دولي تحت إشراف الباحث لدى المعهد الكندي لأبحاث الصحة الشعبية، أندرو مينته، عملت على تقييم بيانات استهلاك الملح بالاعتماد على عينات البول لحوالي 69 ألف شخص منحدرين من 369 بلدية في 18 دولة. ومن ثم قارن فريق البحث هذه البيانات بالحالة الصحية للمشاركين في التجربة. وخلصت الدراسة إلى أن استهلاك الملح بشكل مفرط يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم ويزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
كشفت هذه الدراسة أن استهلاك الملح في الصين تجاوز حدود 12.5 غرام في اليوم. وفي تعليق له على الدراسة، أورد فرانتس ميسيرلي، الأستاذ الجامعي لدى جامعة برن وطبيب القلب السويسري، أن "أعضاء الجسم لا تتأثر بنفس الشكل بالملح، فعلى الرغم من أن الملح يؤثر على صحة الدماغ، إلا أنه يحمي صحة القلب".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الدراسة تدحض آراء أغلب الخبراء بشأن استهلاك الملح. فعلى سبيل المثال، توصي الجمعية الألمانية للتغذية والجمعية الألمانية لمكافحة ارتفاع ضغط الدم بألا يتجاوز معدل الاستهلاك اليومي للملح ستة غرامات، في حين تنصح المنظمة العالمية للصحة بألا يتجاوز معدل استهلاك ملح الطعام خمسة غرامات في اليوم.
وأفادت الصحيفة بأن المختصين الأمريكيين في علم الأوبئة صدموا العالم بإحصائية مفادها أن 2.3 مليون حالة وفاة تعزى إلى استهلاك الملح بشكل مفرط. ومع ذلك، يشكك البعض في صحة نتائج الدراسة الكندية؛ نظرا لأن مؤلفي هذه الدراسة لا يعتبرون مرجعا في صناعة الملح، ناهيك عن أن اعتماد تحليل عينات البول لا يقدم بيانات دقيقة عن مدى استهلاك الملح.
وأوضحت الصحيفة أن باحثين آخرين يؤكدون أن الملح يؤثر بشكل إيجابي على صحة القلب، مؤكدين أنه لا يشكل خطرا إلا في صورة استهلاكه بشكل مفرط. في هذا الصدد، أشار الباحث الكندي مينته إلى أن "أجسامنا تحتاج للملح، لكن الإشكال يكمن في الكمية التي يجب علينا استهلاكها".
ووفقا للباحث الكندي مينته لا يشكل استهلاك 12.5 غرام من الملح يوميا خطرا جديا على صحة القلب، ولعل هذا ما أكده طبيب القلب السويسري ميسيرلي، الذي قال إن "استهلاك ما بين 5 و10 غرامات من الملح في اليوم لا يشكل ضررا على صحة الإنسان". كما ذكر طبيب القلب السويسري أن "النساء الصينيات يتمتعن بأعلى معدل أمل حياة عند الولادة في العالم على الرغم من أنهن يستهلكن كمية من الملح تتراوح بين 8 و9 غرامات في اليوم".
وأوضحت الصحيفة أن معدلات استهلاك الملح في ألمانيا قريبة جدا من معدلات الاستهلاك في الصين. ولا يجب على الشعب الألماني أن يعدل بالضرورة من معدل استهلاكه للملح، خاصة أن الملح موجود بنسب متفاوتة في الأغذية المصنعة. بدلا من ذلك، يجب على المواطن الألماني أن ينتبه لمعدلات استهلاك البوتاسيوم.
وبينت الصحيفة أن نقص البوتاسيوم يُعد أكبر عدو لصحة الإنسان، حيث أورد الباحث الكندي مينته أن "عدد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية ينخفض في المناطق التي يرتفع فيها معدل استهلاك البوتاسيوم". وعلى ضوء هذه المعطيات، يجب علينا أن نستهلك جرعة يومية من البوتاسيوم في حدود أربعة غرامات، ومن الأفضل أن تبلغ 4.5 غرام.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن أفضل علاج لمرض ارتفاع ضغط الدم هو إضافة المزيد من الخضروات الطازجة وزيت الزيتون إلى نظامك الغذائي، بالإضافة إلى الفستق والجوز واللوز وهي الأغذية التي تعرف بها حمية البحر الأبيض المتوسط. ولا تكمن فائدة هذه الحمية في توفيرها لنسبة عالية من البوتاسيوم فحسب، بل تتضمن أيضا أحماضا دهنية غير مشبعة.