أكد تقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر" أن ولي العهدالسعودي الأمير محمد بن سلمان و إن يكون قد نجح في تسويق نفسه على أنه الأب الروحي للتحديث والتغيير في كثير من التابوهات الاجتماعية والسياسية في البلاد، ولكنه يعاني في محاولته لإنعاش اقتصاد المملكة، الذي يعاني من أزمة ثقة قد يكون هو شخصيا من أوجدها.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء-و شدد معد التقرير آمبروز كاري وهو يعمل كمدير في "آلاكو" وهي شركة استشارية متخصصة في مجال الأعمال ومقرها لندن، أن ما قارب المليون ( 800ألف) مغترب غادروا السعودية مما خلق أزمة توظيف تلقي بثقلها على اقتصاد المملكة لكون "الشباب السعوديين من الجنسين كسالى وغير مهتمين بالعمل"، مثلما اشتكت شركات سعودية.
وحمَّل الكاتب محمد بن سلمان مسؤولية هذا "الهروب الكبير"، الذي تزامن مع سياسته لتوطين الوظائف وهروب الاستثمارات الأجنبية.
وأشار الكاتب إلى أن السعودية عانت بشدة من انهيار أسعار النفط (بالرغم من كون ولي العهد السعودي هو من تبنى سياسة تخفيض الأسعار في حينه، حينما كان وليا لولي العهد) ، وهي تعاني الآن من هبوط حاد في الاستثمار الأجنبي وارتفاع مستويات هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وبذات الوقت الذي يحاول فيه ملكها الفعلي م.ب.س (كما يطلق عليه باختصار) ، تعزيز سلطاته وبالتبعية التحول لمساراقتصادي جديد.
طموح متهور
و اعتبر الخبير أن عدم اليقين الذي تسبب فيه طموح محمد بن سلمان المتهور – كما يردد البعض محلياً – والخطط غير المدروسة لتحديث الاقتصاد كان لها العديد من التداعيات السلبية وهو ما اتضح مؤخرا في معاناة الشركات والمؤسسات السعودية في ملء الوظائف في القطاع الخاص نتيجة الهجرة المتزايدة والمتسارعة للمغتربين، وحتى شهر، نيسان / أبريل المنصرم – كان هنالك أكثر من 800000 مغترب غادروا البلاد منذ أواخر عام 2016 ، وهي أعداد لا يمكن استبدالها بسهولة ناهيك عن كونها لم تدخل مرحلة الإحلال بالمواطنين مما يشي بعجز كبير في طرح المشاريع على أرض الواقع كذلك.
تضييقمنهجي مقنن ..و"سعودة" وهمية
ويرى الكاتب أن بلا شك أن رحيل المغتربين ناجم عن محاولة محمد بن سلمان فطم البلاد عن ريع النفط من خلال التنويع الاقتصادي ، والذي يتجسد أحد عناصره المهمة في تحويل اهتمام المواطنين ليكون منصباً على وظائف القطاع الخاص عوضا عن البطالة المقنعة والتي هي محور اهتمامهم المهني من خلال العمل بالوظائف الحكومية فقط ، وهو ما تسعى اليه الدولة من خلال التضييق المدروس على المغتربين لدى القطاع الخاص وبالتالي توليد 450000 فرصة وظيفية للمواطنين في هذا القطاع بحلول عام 2020.
وهذا التضييق المدروس تلخص بمنهجية ما يسمى (السعودة) – وهي ضغوط تمت قوننتها على القطاع الخاص من خلال رفع الرسوم المفروضة على الشركات التي توظف غير السعوديين ومطالبة الأجانب بدفع رسوم على افراد عائلاتهم وتقييد القطاعات التي يمكن أن يعملوا فيها ، مثل صناعات التجزئة والخدمات المقتصرة الآن على السعوديين. وهذه الإجراءات هي التي أفضت الى الهروب الجماعي لدى المغتربين، وانكماش كبير لدى القطاع الخاص وتراجع في سوق العقارات المستأجرة والقوة الشرائية في مراكز التسوق.
"الشباب السعوديين من الجنسين كسالى وغير مهتمين بالعمل"
وتواجه الشركاتالسعودية حالياً صعوبات عديدة في توظيف المواطنين، الذين اعتادوا على العمل المتعثر في القطاع الحكومي ومزايا البطالة المقنعة السخية ، وتشير التقارير إلى أن العديد من السعوديين يرفضون عروض القطاع الخاص بسبب ما يعتبرونه وظائف ضعيفة الأجور وذات وضع متدنٍ.
وهو ما أثار الكثير من المخاوف تم طرحها على صفحات صحيفة (سعودي غازيت) ، وهي الناطقة باسم الحكومة ، والتي عادة ما تحتوي على قصص مشرقة عن الحياة في المملكة ولا تتطرق للجوانب السلبية. ففي شباط / فبراير ، أفادت النشرة بالصحيفة بأن عددًا من رؤساء الغرف التجارية والصناعية طالبوا الحكومة بإعفاء القطاع الخاص من السعودة ، خاصة الوظائف التي يصعب ملؤها ، كما هو الحال في قطاع البناء. وسط مخاوف من كون العديد من الشركات ستغلق أبوابها ، وفي أيار / مايو ، كشف أحد البنود عن أنه خلال فترة ثلاثة أشهر تم إصدار ما يزيد عن 5000 غرامة للشركات التي تنتهك قواعد السعودة في قطاعات الاتصالات والفنادق وتأجير السيارات.
وأفادت تقارير بأن العديد من الشركات تتحايل على شرط السعودة من خلال توظيف السعوديين ودفع رواتب صغيرة مقابل ما هو في الواقع وظائف وهمية ، وهي عمليةيطلق عليها "سعودة وهمية" ، مما دفع البعض إلى الدعوة إلى إعادة النظر فيها كشرط. كما طرح الكاتب محمد البسناوي,
وفي كانون الأول / ديسمبر، ومن خلال تسليط الضوء على مخاوف القطاع الخاص بشأن السعودة المفروضة وعواقبها المحتملة، يقولبسناوي ، لدى أرباب العمل قناعة بإن الشبان والشابات السعوديين كسالى وغير مهتمين بالعمل وبالتالي هم ليسوا بإنتاجية عالية ويفضلون البقاء في المنزل عوضا عن العمل بوظيفة منخفضة الأجر و”لا تليق بوضعهم الاجتماعي كسعوديين”.
وقال بسناوي “خلقت (السعودة الوهمية) جيلاً من الشباب والشابات غير المهتمين بالعثور على وظيفة ويفضلون الحصول على أموال مقابل عدم القيام بأي شيء”.
"يحلم" بجني 17 مليار دولار من جيوب الوافدين
ومع ذلك ، يبدو من غير المحتمل أن تتراجع السلطات عن منهجية السعودة. وهذا ليس ناجماً عن دراسة لفهم الأسباب والنتائج وانما لكون ولي العهد السعودي يرغب بأن يجني حوالي 17.33 مليار دولار من خلال الرسوم على الوافدين بحلول عام 2020 ، للمساعدة في معالجة عجز الموازنة – المتوقع أن يصل إلى 52 مليار دولار في 2018 – وتمويل مشاريع اقتصادية جديدة. إلا أن النقاد يتساءلون عما إذا كانت المبالغ الضريبية المتوقعة ستعوض عن خسارة إنفاقالمستهلكين الناتج عن مغادرة الأجانب، حتى أولئك الذين يبقون على الأرجح سيرسلون أقاربهم إلى بلادهم بسبب الرسوم المفروضة على أسرهم. وقال طارق المينا ، المقيم في جدة في صحيفة "غلف نيوز" في تشرين الأول / اكتوبر : إن "فرض الضرائب على المغتربين قبل تحول المملكة العربية السعودية إلى اقتصاد منتج يعتمد على الصناعة ، هو وضع العربة أمام الحصان". وقالت كارين إي يونغ من معهد الدول العربية الخليجية في واشنطن ، في مدونة المعهد في شباط / فبراير ، إن الأمر سيستغرق عشر سنوات أو أكثر لإنشاء طبقة عاملة من السعوديين الراغبين في القيام بوظائف قطاع الخدمات والتجزئة والبناء.
اعتقال الأمراء ورجال الأعمال والأثر العكسي
ويرى الكاتب أن محمد بن سلمان عمل على زيادة رأس المال في مكان آخر، من خلال حملته لمحاربة فساد الأمراء ورجال الأعمال في أواخر العام الماضي، والتي بدت أشبه ما تكون بالمزادات والمناقصات، مما ادى بالنتيجة لتزعزع ثقة المستثمرين الحاليين والمحتملين عوضاً عن أن تتعزز.
فشل جولاته في الغرب
وعلى الرغم من أن القيام بجولة كبيرة من العواصم الغربية في وقت سابق من هذا العام قد مكنت بن سلمان من صقل صورته الذاتية كمصلح اجتماعي واقتصادي لدى طبقة النخبة السياسية في الغرب، فإنه من المشكوك فيه ما إذا كانت جولاته الدبلوماسية قد حظيت باهتمام مجتمع المالوالأعمال السعودي والغربي على حد سواء. وهذا ما يمكن استنتاجه بسهولة من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 7.5 مليار دولار في عام 2016 إلى 1.4 مليار دولار في العام الماضي ، وهو أدنى مستوى في 14 سنة ، حسب أرقام الأمم المتحدة.
هروب رؤوس الأموال
علاوة على ذلك ، ففي تشرين الثاني / نوفمبر ، توقعت دراسة أعدها معهد التمويل الدولي هروب رؤوس الأموال إلى الخارج في عام 2017 بحجم يصل الى 101 مليار دولار ، أي 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال معهد التمويل الدولي إن هروب رؤوس الأموال من المملكة العربية السعودية ساهم في الانخفاض الكبير في الاحتياطيات الرسمية. فهناك مؤشرات قوية على أن نسبة من هذه الأموال المغادرة تعود لرجال الأعمال المحليين الذين يحولون الكثير من أصولهم السائلة الى الخارج.
انتهی/