نيويورك تايمز: التخلي عن الوهابية مجرد كلام وبن سلمان ليس لديه الرصيد الكافي لفك الارتباط معها

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۲۴۹۷۹
تأريخ النشر:  ۲۱:۲۳  - الثلاثاء  ۰۳  ‫یولیو‬  ۲۰۱۸ 
ماهو مصير العلاقة بين العائلة السعودية والحركة الوهابية؟ وهل يمكن لولي العهد التخلي عنها في ظل تصريحاته التي يلمح فيها للإسلام المعتدل؟

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- يجيب نبيل مولين الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية والمؤرخ للعلاقة بين المؤسسة الدينية والعائلة المالكة في السعودية، قائلا أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حاول لتبرير شرعية وصوله إلى ولاية العهد وتحقيق طموحاته للسلطة المطلقة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية تقديم نفسه كمدافع عن "التحديث". مما دعا البعض تفسير الكثير من تصريحاته الداعية للإسلام المعتدل وفتح المجال امام المرأة لقيادة السيارة وإعادة فتح دور السينما على انها دعوة لتفكيك الإتفاق التاريخي بين آل سعود والمؤسسة الوهابية.

وأشار مولين إلى الصلة التاريخية بين الحركة وعائلة آل سعود والتي تعود إلى منتصف القرن الثامن عشر حيث تبنى آل سعود محمد بن عبد الوهاب الذي تبنى قراءة ضيقة للقرآن والحديث وهاجم الانحرافات والبدع. وأخرج الذين انحرفوا عن العقيدة الوهابية من الإسلام ولن تتم إعادتهم إليه إلا بالجهاد. ومنح العهد مع بن عبد الوهاب وأتباعه آل سعود التبرير الديني لسياسة التوسع وبناء دولة مستمرة في القرن العشرين. وتم توزيع السلطات حيث احتكر آل سعود المؤسسة السياسية والعسكرية تسلم مشائخ الوهابية المجالات الدينية والقانونية والإجتماعية. وعليه فمن غير المحتمل أن يفكك بن سلمان العلاقة مع المؤسسة الدينية الوهابية التي أثبتت تصميما وكشفت عن قدرات عالية للتكيف مع انتقال وتقلبات السلطة. وتعود محاولات تهميش المؤسسة الدينية إلى بداية القرن العشرين. فعندما حاول الملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة والذي حكم ما بين 1902- 1953 احتكار السلطة والعمل مع القوى الغربية والحصول على اعتراف واسع في العالم الإسلامي وجد الحاجة للعمل مع الإصلاحية الإسلامية كوسيلة لإضعاف الوهابية. وحافظ مشائخ الوهابية على سلطتهم بل أصبحوا أكثر قوة وقدموا تنازلات أيديولوجية من مثل إظهار نوع من التسامح مع غير المسلمين والسماح لهم بالعمل داخل الأراضي السعودية والقبول بالتعليم والإدارة الحديثة. وفي مرحلة ما بعد النفط، بين الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي وجدت السعودية في ظل كل من الملك سعود بن عبد العزيز والملك فيصل بن عبد العزيز الحاجة ماسة للتحديث وبسرعة. ذلك أن البنى التقليدية للمملكة كانت قديمة جدا وشخصية ولا يمكن من خلالها حماية أراضي الدولة. كما وكانت الحداثة ضرورية من أجل إرضاء توقعات السكان الذين يتزايد عددهم وخلق مصادر للشرعية ومواجهة الأنظمة القومية العربية.

وفي الوقت الذي رأت فيه المؤسسة الدينية بناء الدولة الحديثة والتغيرات المنافسة لها تهديدا إلا أنها لم تعارض تعليم البنات في المدارس وإنشاء قنوات تلفازية وفتح دور للسينما. واستفادت المؤسسة الدينية من مواجهة السعودية القومية العربية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. واستخدمت المؤسسة الدينية الموارد النفطية لبناء مؤسسات تعليمية حديثة مثل مكتب المفتى العام وإنشاء بيروقراطية للإفتاء والمدارس الدينية والجامعات مثل الجامعة الإسلامية في المدينة وجامعة الإمام محمد ن سعود الإسلامية في الرياض. وأنشأ العلماء المحاكم الإسلامية والمؤسسات الإعلامية ومنظمات إسلامية عالمية مثل رابطة العالم الإسلامي. وأسهمت حداثة البترو في حفاظ المؤسسة الدينية على تأثيرها داخل المملكة وخارجها. بل وزادت قوة المؤسسة الوهابية بعد تطورات عام 1979 من انتصار الثورة الإسلامية في إيران والهجوم على الحرم المكي والغزو السوفييتي لأفغانستان.. ومن أجل تعزيز مصداقية العائلة المالكة بعد الهجوم على الحرم واحتواء الخطر الشيعي الثوري وقتال الشيوعية عبرت هذه عن ارتباط اكبر بالإسلام من خلال تطبيق الشريعة وبطريقة متشددة وفرض العقوبات الجسدية وفرض الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وإغلاق دور السينما وتعزيز قوة الشرطة الدينية وزيادة الدعم المالي والأيديولوجي للجماعات الجهادية في أفغانستان والحركات الإسلامية حول العالم. ومقابل هذا دعمت المؤسسة الدينية آل سعود ضد أعدائهم في الداخل والخارج مثل آية الله الخميني وصدام حسين وجماعة الإخوان المسلمين. وأصدر المفتي فتوى لم تحظ بالشعبية في عام 1990 منحت شرعية لوجود القوات الأجنبية على أرض السعودية. وجاءت هجمات 9/11 التي وضعت السعودية في وضع صعب خاصة أن أسامة بن لادن وغالبية المنفذين كانوا سعوديين ولهذا حاولت أن تبعد نفسها عن الجهاديين وسمحت بنقد الوهابية وشاركت في النقاشات الدينية الداخلية وحوار الأديان وخففت من سلطة المؤسسة الدينية من بين إجراءات أخرى. وجاءت المؤسسة الدينية لمساعدة العائلة المالكة وحافظت في الوقت نفسه على مصالحها وأصدرت سلسلة من الفتاوى الشاجبة للجهاديين والإخوان المسلمين. كما ونشر العلماء مقالات وظهروا في التلفزيون. وفي تلك الفترة تحدث المراقبون عن مرحلة ما بعد الوهابية إلا أن العائلة والمؤسسة الدينية تساءلتا بعد أن خف الضغط عن جدوى الإنفتاح.

وعندما اندلعت ثورات الربيع العربي استعان الملك عبدالله بالمؤسسة الدينية لمنع تهديد الثورات على العائلة واستجابت هذه بعد اشتراطها زيادة الميزانية المخصصة للمؤسسات الدينية وقمع أي خرق للشريعة في الأماكن العامة والترويج للخطاب المعادي للشيعة وتكميم الأفكار العلمانية. ومع صعود الملك سلمان للعرش الذي قاد لبروز نجله محمد بن سلمان عام 2015 ودعواته للإسلام المعتدل التي فسرت على أنها دعوة للتحلل من العقد مع الوهابية ولكن قراءة قريبة لتصريحاته تشير إلى شجبه الإخوان المسلمين وتبرئة ساحة الوهابية. وبالعكس دعمت المؤسسة الدينية وبشكل مطلق قرارات ولي العهد ودعمتها بفتاوى مثل قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة. وتنازلت المؤسسة الدينية في قضايا ثانوية عندما شعرت أن ميزان القوة انحرف ضدها واستطاعت بهذه الطريقة الحفاظ على سلطتها. ويرى الكاتب أن الوهابية ستظل عمادا من أعمدة المملكة على المدى المتوسط. ولا يزال بيدها الكثير من الوسائل المصادر مثل المدارس والمساجد والوزارات والمنظمات الدولة والمنظمات الإعلامية وتستطيع من خلال هذا الدفاع عن نفسها.

وأي مواجهة بين أولاد بن سعود وورثة بن عبد الوهاب ستكون مدمرة. وفي النهاية فالعهد التاريخي بين الطرفين لم يحاول أحد تحديه بقدر ما أعيد تفسيره وتصميمه ليوافق أوقات التحول والأزمات ليعكس التغير في مراكز القوة ويساعد الشركاء للتعامل مع التحديات بطريقة أكثر قوة. ومن اجل فك الإرتباط بين العائلة السعودية والمؤسسة الوهابية فهناك حاجة لإيجاد بديل اجتماعي وبدعم شعبي ومن النخبة وقاعدة اقتصادية. وفي الوقت الحالي لا يملك ولي العهد السعودي الرصيد الكافي غير الميول الشخصية التي عبر عنها.

المصدر: القدس العربی

رأیکم