من المتوقع أن يقرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي في 12 من مايو أيار. كانت طهران قد وقعت الاتفاق الذي يسمى ”خطة العمل الشاملة المشتركة“ مع الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة في 2015.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- ووافقت إيران على تقييد برنامجها النووي في مقابل رفع بعض العقوبات عنها، غير أن انسحاب الولايات المتحدة سيؤدي على الأرجح إلى انهيار الاتفاق. وإذا حدث ذلك، فيمكن لإيران أن ترد بالنيل من مصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط.
* العراق
عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات كبيرة من العراق في 2014، سارعت إيران إلى دعم بغداد. وساعدت طهران منذ ذلك الحين في تسليح وتدريب آلاف المقاتلين الشيعة في العراق، وباتت قوات الحشد الشعبي تلك قوة ذات ثقل سياسي كبير أيضا.
وإذا انهار الاتفاق، فيمكن لإيران تشجيع فصائل الحشد الشعبي التي تريد أن تغادر الولايات المتحدة العراق على تصعيد انتقاداتها وربما شن هجمات عسكرية على القوات الأمريكية.
وربما يشمل ذلك هجمات بالصواريخ أو قذائف المورتر أو القنابل المزروعة على الطريق غير مرتبطة بشكل مباشر بفصيل شيعي محدد، وهو ما سيسمح لإيران بإنكار أنها غيرت موقفها القائم على تجنب الصراع المباشر مع القوات الأمريكية في العراق.
* سوريا
تشارك إيران وحلفاء شبه عسكريين لها مثل جماعة حزب الله اللبنانية في الحرب السورية منذ 2012. وسلحت إيران ودربت آلاف المقاتلين الشيعة لدعم الحكومة السورية. وتقول إسرائيل إن إيران جندت ما لا يقل عن 80 ألف مقاتل شيعي.
وجعل الوجود الإيراني في سوريا طهران في صراع مباشر مع إسرائيل للمرة الأولى من خلال سلسلة اشتباكات بارزة وقعت في الأشهر القليلة الماضية. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم لن يسمحوا أبدا لإيران أو حزب الله بإقامة وجود عسكري دائم إلى جوارها في سوريا.
إذا انهار الاتفاق النووي، فلن تجد إيران حافزا يذكر لمنع حلفائها من الفصائل الشيعية المسلحة في سوريا من شن هجمات على إسرائيل.
وقد تثير إيران والقوات التي تسيطر عليها في سوريا متاعب أيضا لنحو 2000 جندي أمريكي منتشرين في شمال وشرق سوريا لدعم مقاتلين بقيادة الأكراد.
كان مستشار كبير للزعيم الإيراني الأعلى قال في أبريل نيسان إنه يأمل في أن تطرد سوريا وحلفاؤها القوات الأمريكية من شرق سوريا.
* لبنان
في العام 2006، خاض حزب الله حربا مع إسرائيل في قتال استمر 34 يوما وانتهى إلى طريق مسدود. ويقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن إيران تساعد الجماعة اللبنانية الآن على بناء مصانع للصواريخ دقيقة التوجيه أو تزويد صواريخ أطول مدى بأنظمة توجيه دقيقة.
وهاجمت القوات الإسرائيلية حزب الله مرارا في سوريا حيث تقود الجماعة كثيرا من الفصائل الشيعية الإيرانية. واحتدمت لهجة الخطاب بين إسرائيل وإيران في الأسابيع القليلة الماضية. وبرغم أن حزب الله وإسرائيل يقولان إنهما غير مهتمين بالدخول في صراع، إلا أن التوتر يمكن أن يتطور بسهولة إلى حرب لبنانية أخرى.
وقال حزب الله العام الماضي إن أي حرب تشنها إسرائيل على سوريا ولبنان يمكن أن تجر إليها آلاف المقاتلين من دول بينها إيران والعراق، في إشارة إلى أن الفصائل المسلحة الشيعية قد تأتي إلى لبنان لمساعدة حزب الله.
وحزب الله قوة سياسية رئيسية في لبنان أيضا، وقد يعزز وضعه في انتخابات مقررة في السادس من مايو أيار. وحاليا، تتعاون الجماعة مع خصومها السياسيين، لا سيما رئيس الوزراء سعد الحريري المدعوم من الحكومات الغربية.
لكن إذا انهار الاتفاق النووي، فقد تضغط إيران على حزب الله لعزل خصومه وهو تطور يعتقد خبراء أنه قد يزعزع استقرار لبنان.
وقال هلال خشان أستاذ الدراسات السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت ”حزب الله يتحكم حرفيا في الحياة السياسية اللبنانية“. وأضاف ”إذا فعلوا (حزب الله) ذلك فسيشكل هذا إزعاجا شديدا“.
* اليمن
لم تعترف إيران قط بالمشاركة عسكريا بشكل مباشر في الصراع باليمن. لكن مسؤولين أمريكيين وسعوديين يقولون إنها تمد المقاتلين الحوثيين بالصواريخ وأسلحة أخرى. وأطلق الحوثيون صواريخ على الرياض ومنشآت نفطية سعودية، قائلين إنهم يردون على غارات جوية باليمن.
وتخوض إيران والسعودية صراعا على النفوذ بالمنطقة. ويقول مؤيديون للاتفاق النووي إنه يحول دون تحول الصراع إلى حرب مفتوحة. وإذا انهار الاتفاق فقد تزيد إيران الدعم للحوثيين، فيما قد يثير ردا عسكريا من السعودية وحلفائها الخليجيين ومنهم الإمارات العربية المتحدة.
* معاهدة
لدى إيران أيضا خيارات متعلقة بالبرنامج النووي. وقال مسؤولون إيرانيون إن أحد الخيارات التي يبحثونها هي الانسحاب التام من معاهدة حظر الانتشار النووي المصممة لوقف انتشار الأسلحة النووية. ويقول الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي إن البلاد ليست مهتمة بتطوير أسلحة نووية. لكن إن انسحبت إيران من المعاهدة فسيدق ذلك نواقيس الخطر عالميا.
ويقول علي ألفونه وهو زميل كبير في مجلس الأطلسي ”هذا بالطبع سيكون مسارا كارثيا للجمهورية الإسلامية لأنها ستجد نفسها معزولة“.
وحتى إن لم تنسحب إيران من المعاهدة فقد أشارت إلى أنها ستكثف على الأرجح من أنشطة تخصيب اليورانيوم التي حدها الاتفاق بشدة للمساعدة في تهدئة المخاوف الخاصة باستخدامه لصنع مكونات قنبلة نووية. وبموجب الاتفاق النووي على إيران أن تلتزم بمعدلات تخصيب لليورانيوم في حدود 3.6 بالمئة. وتوقفت إيران عن إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة وتخلت عن أغلب مخزوناتها في إطار الاتفاق الموقع في 2015.
واليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة من النقاء الانشطاري يتخطى النسبة المطلوبة في وقود مفاعلات الطاقة النووية للأغراض المدنية وهي خمسة بالمئة لكنه يقل كثيرا عن النقاء المطلوب لقنبلة نووية البالغ نسبته ما يتراوح بين 80 و90 بالمئة.
وقال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية هذا الأسبوع إن إيران أصبحت قادرة على تخصيب اليورانيوم بمعدلات أعلى مما كانت قادرة عليه قبل إبرام الاتفاق النووي.
ويقول محللون إن رد فعل إيران سيتأثر بالكيفية التي سترد بها الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق على انسحاب الولايات المتحدة المحتمل منه.
وسيعتمد ذلك على مدى إصرار فرنسا وألمانيا وبريطانيا على أن شركاتهم يمكنها أن تستمر في العمل مع إيران بموجب اتفاق دولي صدق عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع ومستوى الدعم الدبلوماسي الذي ستتلقاه إيران من روسيا، شريكتها في سوريا، وسيعتمد أيضا على مدى رغبة الصين في ربط إيران بمبادرة الحزام والطريق للتجارة الخارجية والاستثمار.
سيكون الأمر بمثابة اختبار إرادات إذا أعادت إدارة ترامب فرض العقوبات وهددت من يخالفونها بمنعهم من التعامل مع النظام المصرفي الأمريكي. والصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني، وحدها من بين الدول الموقعة الأخرى على الاتفاق التي بمقدورها أن تخفف من تأثير إعادة فرض العقوبات على إيران.
المصدر: رويترز
انتهی/