نشر موقع "فوكس" مقالا للكاتب زاك بيوتشامب، يقول فيه إن أمريكا تملقت للديكتاتورية السعودية القمعية.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- ويقول الكاتب: "في هذا الأسبوع وصل الحاكم المطلق للسعودية الأمير محمد بن سلمان، من بلد يعدم المعارضين والمثليين، إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأمير محمد لم يتم استقباله بصفته رجلا يقوم بانتهاك حقوق الإنسان، بل على أنه (بطل حقوق مدنية يحمل رؤية نجم بين أبراهام لينكولن وإيلون ماسك)، فالأول محرر العبيد، والثاني رجل أعمال مولود في جنوب افريقيا ويعيش في كندا".
ويشير بيوتشامب إلى أن "ابن سلمان قدم نفسه في لقاء (ستون دقيقة) على أنه (ثوري) قام بـ(تحرير المرأة) في السعودية، ونشر موقع شبكة (سي أن بي سي) مقالا تحت عنوان (محمد بن سلمان سيجلب أسلوب سيلكون فالي إلى السعودية)، وفي يوم الأربعاء التقى على مأدبة عشاء الممثل مورغان فريمان والمخرج جيمس كاميرون ودوين جونسون (ذا روك)، الذي كتب على (إنستغرام) مادحا المستبد، وقال: (كان ممتعا تناول طعام العشاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.. وكان من الرائع الاستماع لأفكاره التقليدية والحداثية عن العالم والنمو الإيجابي الذي يرغب فيه لبلده)".
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "ابن سلمان قد يكون بالمعايير السعودية (تقدميا) في بعض الأمور، حيث سمح للمرأة بقيادة السيارة وحضور مباريات كرة القدم، لكن الحديث عن (تحرير) المرأة أمر مثير للغرابة، فلا تزال المرأة السعودية لا تستطيع الزواج بنفسها أو السفر للخارج دون إذن وليها، ولا تزال السعودية في المرتبة السابعة من ناحية المساواة بين الجنسين، بحسب مؤشر البنك الدولي".
ويجد بيوتشامب أن "التركيز على هذه الإصلاحات المتواضعة يعني تجاهل حقيقة أن محمد بن سلمان هو مهندس الحرب في اليمن، التي قامت بقصف المستشفيات بشكل مقصود، ومنعت تدفق المواد الضرورية (مثل الغذاء والدواء) للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، كما أن هناك أكثر من 10 آلاف شخص قتلوا منذ التدخل السعودي في اليمن عام 2015".
ويلفت الكاتب إلى أن "عدد القتلى هو مجرد تقدير؛ لأن الوضع خطر جدا لأي جهة للقيام بإحصاء دقيق، وأدى الحصار السعودي إلى خنق وسائل الحصول على الطعام لحوالي 17 مليون يمني -ثلثي السكان- الذين لا يعلمون متى سيتناولون الوجبة المقبلة، بالإضافة إلى أن الدمار الذي لحق بالخدمات الصحية والمياه كان كبيرا جدا، إلى درجة أن مياه المجاري لوثت مصادر المياه، وهو ما أدى إلى انتشار مرض الكوليرا، الذي أصاب مليون شخص، في أوسع انتشار له في التاريخ الحديث".
ويقول بيوتشامب إن "الحرب في اليمن هي فكرة محمد بن سلمان، التي نظر إليها على أنها كمبادرة توقيعه في مجال السياسة الخارجية، ورغم مسؤوليته عما تراه منظمة (أمنستي إنترناشونال) أنه (جرائم حرب محتملة)، إلا أن الإعلام الأمريكي والمجتمع عامله على أنه بطل، وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، مارك لينتش: (إنه أمر مريع)، في إشارة إلى الاحتفال الأمريكي بابن سلمان بطريقة تشير إلى المشكلات الرئيسية في العلاقة الأمريكية السعودية".
وينوه الكاتب إلى أن "الولايات المتحدة ليست غريبة في الاحتفال بالمستبدين من الشرق الأوسط، حيث استقبلت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قام جيشه بقتل أكثر من 800 محتج في يوم واحد، وتم مديحه في (وول ستريت جورنال) بأنه (مصلح الإسلام الذي لا يمكن إصلاحه)؛ وذلك بسبب معارضته للإسلاميين، وعندما (أعيد انتخاب) السيسي الأسبوع الماضي بنسبة 97% إلى 3% اتصل به ترامب وهنأه".
ويستدرك بيوتشامب بأن "التملق المذل بدا واضحا خلال زيارة ابن سلمان، ووصل إلى مستوى جديد، فالحجم الكبير من التغطيات الإعلامية المؤيدة لابن سلمان ومقابلاته مع السياسيين ورموز الثقافة الشعبية، قزم ما شوهد من قبل عندما استقبلت أمريكا الطغاة، فقد حصل على احتفاء جيد من الرموز الأمريكية كلهم من ترامب ومن هم دونه".
ويورد الكاتب نقلا عن خبراء، قولهم إن هذا لم يكن أمر عرضيا، حيث قال لينتش إن "إصلاحاته المحلية وخطابه تم رسمهما حتى يجدان لهما صدى هنا".
ويقول بيوتشامب إن "هناك جزءا آخر من القصة، وهو أن ملكيات الخليج، مثل السعودية والإمارات وقطر، أنفقت أموالا كثيرة في واشنطن، ولديها جيوش من شركات العلاقات العامة واللوبيات، وقدمت دعما كبيرا لمراكز البحث الشهيرة، ونتيجة لهذا فإن الكثير من الأمريكيين المؤثرين ينظرون للسعودية من خلال عدسة السياسة الأمريكية المؤيدة لها، وليس من خلال سجلها في مجال حقوق الإنسان، حيث قال بن رودس، وهو أحد كبار مستشاري باراك أوباما للسياسة الخارجية: (النقود تتكلم)، واصفا الطريقة التي تمت فيها تغطية زيارة ابن سلمان".
ويرى الكاتب أنه "من الجيد مناقشة فيما إن كانت العلاقة مع السعودية في مصلحة أمريكا، وهذا سؤال معقد وصعب، ولا يتفق الكثيرون حوله، لكن ما لا يمكن الاختلاف عليه وبحسن نية هو فيما إن كان ابن سلمان يستحق استقبالا مثل نجم روك".
ويذهب بيوتشامب إلى القول إنه "ربما كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى ابن سلمان كضرورة جيوسياسية، لكن الإعلام الأمريكي والمجتمع لا دور له في تشكيل السياسة الخارجية، ولديهم في هذه الحالة مطلق الحرية في انتقاد ابن سلمان، وحالات الإعدام، وملاحقة المثليين، وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ودون أن يعرض هذا مصالح الولايات المتحدة للخطر".
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن "الإعلام الأمريكي لم يكن كله مرحبا بابن سلمان، فأجرى جيفري غولدبيرغ من مجلة (ذا أتلانتك) مقابلة صعبة معه، وسأله فيما إن كان يعتقد أن هناك مساواة بين الرجل والمرأة، وأتبعه بآخر فيما إن كان سيلغي قانون ولاية الرجل على المرأة، إلا أن غولدبيرغ كان الاستثناء للقاعدة العامة، حيث كانت رحلة ابن سلمان للولايات المتحدة انتصارا لفريق علاقاته العامة ومأساة للبلد".
انتهی/