نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني تقريرا سلط من خلاله الضوء على أوضاع الأطفال السوريين المقيمين في أحد مخيمات اللاجئين بمنطقة بر الياس اللبنانية. وفي هذا المخيم، يترعرع جيل من الأطفال السوريين، دون هوية ولا تعليم وهو ما يشعر الأولياء بالقلق إزاء مستقبل أبنائهم.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من أن اللاجئين القاطنين في مخيم مدين بمنطقة بر الياس يعيشون في مأمن من نيران الحرب، إلا أنهم يشعرون بالقلق حيال مستقبل أبنائهم. وفي هذا المخيم، تعيش تسع عائلات في ثمانية خيام لا تقدر على مقاومة برد الشتاء ولا حر الصيف.
وأكد الموقع أن أغلب ساكني هذا المخيم أطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين و17 سنة. ومن بين هؤلاء الأطفال، نذكر خالد الأحمد، وهو أحد أبناء أمينة ملحم. وقد قال خالد، البالغ من العمر 15 سنة: "لازلت أتذكر مسقط رأسي، في مدينة القصير". وأضاف هذا الفتى، الذي يبدو أكبر من عمره الحقيقي: "عندما قررنا الفرار من بلدنا، كنت طالبا في الصف الثالث".
وأشار الموقع إلى أن خالد فر سنة 2012 إلى لبنان برفقة أفراد عائلته وأبناء عمه. وفي سوريا، كانت هذه العائلة تعيش في ظروف جيدة، حيث كانت تملك مسكنا ودخلا محترما. أما في الوقت الراهن، فتعيش هذه العائلة في خيمة يتقاسمها 11 فردا. في هذا الصدد، أورد خالد: "منذ قدومي إلى هنا، فقدت جزءا من قدراتي على القراءة والكتابة".
وأوضح الموقع أن والد خالد، مدين الأحمد، بادر ببناء "مدرسة خيمة" تتسع لحوالي 70 طفلا قادمين من مختلف المخيمات. وفي البداية، كانت قاعات هذه المدرسة غير مؤثثة بشكل جيد، حيث كان الأطفال يجلسون على الزرابي مكان الكراسي، فيما كانت النوافذ عبارة عن أغطية بلاستيكية. أما اليوم، فقد أصبحت الجدران مطلية بالألوان الزاهية، في حين أصبح الأطفال يتابعون دروسهم على مقاعد.
وأضاف الموقع أن خالد يحلم بأن يصبح مصمم غرافيك في المستقبل. لذاك، هو يحاول تعلم كيفية تحرير الصور من خلال مشاهدة بعض مقاطع الفيديو التعليمية على موقع اليوتيوب.
وتابع الموقع أن عائلة الأحمد تمنع أبناءها من العمل خلافا لبقية العائلات. ولعل الأمر المثير للاستغراب أن جل العائلات المقيمة في المخيم لا تسمح لأطفالها بالذهاب إلى المدرسة. في هذا السياق، أكد أحد مؤسسي جمعية "بسمة وزيتونة، علاء الزيبق، أن "الكثير من الآباء غير واعين بأن التعليم هو مفتاح المستقبل. فعندما غادرت مسقط رأسي، أنهيت دراستي. وفي حال عاد الأطفال إلى سوريا دون تعليم، سيكونون عرضة للتطرف الديني".
وأشار الموقع إلى أن السياسيين اللبنانيين يخشون أن يقع الأطفال السوريون الأميون ضحية استقطاب المتطرفين اللبنانيين، خاصة أن الحكومة اللبنانية لا تقدر على إنقاذ الأطفال من مستنقع التطرف، نظرا لأن الاقتصاد اللبناني يعاني من التدهور، علاوة على ضعف تغطية التيار الكهربائي وشح الموارد المائية.
وذكر الموقع أنه على الرغم من تردي البنية التحتية في لبنان، إلا أن السلطات اللبنانية بذلت منذ بداية الحرب السورية جهودا حثيثة من أجل إلحاق الأطفال السوريين بالمدارس. وحيال هذا الشأن، أورد الزيبق أن "المجتمعين السوري واللبناني يعيشان تحت ضغط كبير. وفي الوقت الراهن، تضم مدينة بر الياس قرابة 50 ألف مواطن لبناني و70 ألف لاجئ سوريا. وعلى الرغم من أن المنطقة لا تزال تعاني من العديد من المشاكل، إلا أنها أفضل من بقية المناطق".
وذكر الموقع أن خالد التحق بمدرسة لبنانية. ونظرا لأن المدرسة بعيدة عن المخيم لمسافة سبعة كيلومترات، يستقل هذا الطفل الحافلة للذهاب إلى المدرسة، التي توفر فصولا مخصصة للسوريين في المساء. وفي هذا الصدد، أورد خالد: "التحقت بفصل خاص بالسوريين تجنبا للمشاكل والخلافات مع بقية الطلاب اللبنانيين".
وبين الموقع أنه على الرغم من أن خالد يشعر بالسعادة لتمكنه من مواصلة تعليمه، إلا أنه لن يقدر على مواصلة دراسته في اختصاص تصميم الغرافيك لأنه لا يملك المال الكافي. ومن جهتها، أفادت أمه أمينة: "أتحمل كل المصاعب من أجل أبنائي. فقد قبلت بالعيش في خيمة بعد أن كنا نملك بيتا في سوريا. وأرضى بالعيش في مكان غير آمن. وأنا أشعر بالقلق إزاء مستقبل أبنائي".
وفي الختام، بين الموقع أن خالد وعائلته لا يرغبون في الفرار من لبنان في اتجاه أوروبا؛ نظرا لأنهم يرومون العيش في بلد قريب من وطنهم سوريا. ولعل هذا ما أكده المدرس موفق ملحم في قوله: "لن نعتاد على العيش في خيمة، لكن ذلك أفضل من العيش تحت وطأة القصف. وفي الواقع، لا نريد أن نكون عالة على أحد. ويجب على كل الأطراف إنهاء الحرب، التي دخلت عامها الثامن".
انتهی/