ببضعِ كلمات، حدّدت رسالةٌ واضحةٌ معالم الحقبة الجديدة في الشرق الأوسط، ونزعت شعباً من وطنه، وحولتهم إلى لاجئين. "هو وعد من شخص لا يمتلك الحق بانتزاع وطن من شعبه، ليُهديه إلى من لا يملك الحق بوطن". لطالما سمعنا عنه ولا زلنا نسمع، مع كُل ذكرى لوعد "بلفور" الذي مضى عليه مئة عام، لأنه جزء أساس من القضية الفلسطينية ومظلوميتها.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- عام 1917 أصدر وزير الخارجية البريطاني "جيمس آرثر بلفور" تصريحاً مكتوباً وجهه باسم الحكومة البريطانية إلى "اللورد ليونيل والتر روتشيلد"، أحد زعماء الحركة الصهيونية، يتعهّد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، وبموجبه منحت بريطانيا الحق لليهود في إقامة ذلك "الوطن القومي" في فلسطين، بناء على مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
لم تنجح الأيام والسنوات بطمس القضية الفلسطينية، وما زالت الأجيال تتوارث جيلًا بعد جيل ذاكرة الأرض السليبة، مكذبة "الحلم الصهيوني" القديم الذي يأمل أن "يموت الكبار وينسى الصغار".
ولأن القضية مازالت حية في ضمير البعض، عُقد في قصر "الأونيسكو" في بيروت المؤتمر العالمي لعلماء المقاومة بعنوان "الوعد الحق.. فلسطين بين وعد بلفور والوعد الإلهي.. معا نقاوم معا ننتصر"، بدعوة من الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، بحضور شخصيات دينية من مختلف المذاهب الإسلامية والبلدان العربية.
وعلى هامش المؤتمر، أشار السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي لموقع "العهد الإخباري" إلى أن المؤامرة الصهيونية كبيرة وقد استخدمت لأجل دعمها وسائل متنوعة من فكر ومال، يضاف إليها ستى فنون الاستخبارات، منوهًا بأن الكرامة في المقابل عميقة في وجدان الأمة العربية، وما يحدث اليوم من كفاح وجهاد يجسد معاني الصحوة واليقظة والتمسك بالقضية الفلسطينية، وأكد على أن "على الرغم من مرور مئة عام على وعد "بلفور" ورغم المؤمرات الخطيرة والمآسي التي حيكت ضد الأرض والشعب، إلا أننا على أبواب الانتصار الكبير الذي سيزيل "إسرائيل" ".
كلام يوافق عليه الأمين العام لتجمع "علماء فلسطين في لبنان" الشيخ محمد سليم اللبابيدي، الذي شدد بدوره على حتمية زوال الكيان الغاصب، لافتاً الى أن المؤتمر يؤكد على الوعد الالهي، المذكور في الكتاب المقدس وأحاديث النبي محمد (ص)، والذي يدحض الوعد البريطاني المشؤوم.
وأشار في حديث لـ "العهد" الى أن وعد "بلفور" "هو وعد ممن لا يملك الى من لا يستحق"، منوهاً بكل الجهود والتضحيات التي تبذلها المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان وفي كل بقاع الأرض المغتصبة والمهددة من هذه الكيانات الغاصبة.
من جهته، تطرق نائب رئيس الادارة الدينية المركزية لمسلمي القسم الآسيوي والروسي فوزي سيدو الى موضوع تفاخر الغرب بهذا الوعد وآمالهم ببناء دولة "إسرائيل" لافتًا لـ"العهد" إلى أن "الغرب سيبقى غارقاً بآماله حتى يثبت مسلمي الغرب قبل مسلمي الشرق العكس، وأن الوعد الالهي هو الوعد الحق وستكون له الغلبة بالنهاية"، مضيفاً " وهذا ما يجب أن يعمل عليه كل مسلم موجود في أي دولة في العالم".
وتوجه إلى الأمة الغافلة عن القضية الفلسطينية بالقول" أنتم في صحراء دونما بوصلة"، مشدداً على أن القضية الفلسطينية هي البوصلة التي ستخرج كل إنسان مؤمن بالله وبالقضية من غفلته.
وفي سياق متصل، أكد رئيس المنظمة الدولية للأمن الشامل مازن الشريف لـ"العهد" أن الامة بعد كل المآسي والابتلاءات التي مرَّت بها إلا أنها تصنع وعداً جديداً بالنصر، وأردف أن الجيش الصهيوني ينتقل من هزيمة لآخرى خصوصا بعد حرب تموز في لبنان عام 2006، وحتى أن الخيار الثاني الذي تبلور بالعدو التكفيري سقط وهُزم في سوريا والعراق.
وأكد الشريف أن الأمة تمر بلحظات تاريخية فارقة، وقال "سنوات قليلة تفصلنا عن التغيير الكبير الذي نؤمن به قلباً وعقلاً، رغم الخيانة والتطبيع عند بعض العرب".
انتهی/