ليست المرة الأولى التي تغير فيها الطائرات الإسرائيلية على مواقع تابعة للجيش العربي السوري في القنيطرة، ماهو مختلف الآن هو طبيعة الظرف والتطورات الأخيرة التي فرضها تقدم الجيش السوري وحلفائه سواء في البادية السورية لمستوى التقاء الجيشين العراقي والسوري على الحدود وتأمينها بالكامل وتالياً إحياء ممر بري من طهران إلى بيروت، أو لناحية التقدم على جبهة الجنوب، ليس السبب الوحيد على الإطلاق بأن القذائف التي سقطت في الأراضي المحتلة ومصدرها هو الباعث على القصف "الإسرائيلي"، ما أعلنه نتنياهو بوضوح محذراً إيران من تورطها في سوريا وتزويد حزب الله بالسلاح الاستراتيجي هو أساس المشكلة لدى الإسرائيلين، ومازاد الطين بلة وفاقم الغضب الإسرائيلي، هو ماأعلنه حزب الله عن استراتيجية ردعية جديدة في الكباش مع الإسرائيلي لجهة فتح الطريق أمام الآلاف بل ومئات الآلاف من المجاهدين في حال أي عدوان اسرائيلي على لبنان أو سورية.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- في توصيف العدوان الإسرائيلي لابد أن ننطلق من 3 نقاط رئيسة:
أولاً: الانعكاس الإيجابي لتطورات الميدان الأخيرة التي تصب في صالح محور دمشق ولاسيما تحرير 30 الف كم مربع شرق سوريا، والتأسيس لطريق بري مفرزاته تعزز بالضرورة القلق الإسرائيلي من تعاظم قوة حزب الله الذي وجد فيه التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي لعام 2017 الخطر الأول على المصالح والأمن القومي الاسرائيلي، وكذلك التواجد العسكري المتواصل لدمشق وحلفائها في الجنوب والذي كان آخره في درعا وهو مامؤاداه ذات المخاطر من وجهة نظر الكيان الصهيوني.
ثانياً: الفشل الأميركي خلال الفترة الماضية، وسقوط استراتيجيته لجهة فرملة تقدم الجيش السوري وحلفائه قرب منطقة مثلث التنف برغم مما دأب عليه من رسائل تنوعت بدءاً من المناشير التحذيرية وصولاً لإسقاط طائرتين سوريتين واحدة حربية وأخرى استطلاع.
ثالثاً: اقتراب انعقاد اجتماعين مهمين من الناحية السياسية، اجتماع أستانة وفيه سيتم رسم خرائط مناطق خفض التصعيد والاتفاق على هوية المراقبين بين كل من تركيا وإيران وروسيا، والاجتماع الأهم الذي سيجمع بوتين بترامب في هامبورغ في السابع من والثامن من يوليو/ تموز القادم، وتالياً التأسيس لغربلة المشهد السياسي في المنطقة، وفي سوريا بشكل خاص، فجاء الجديد الإسرئيلي لإرسال رسالة لكل من ترامب وبوتين لجهة أن يعمل الأول على ممارسة المزيد من الضغط على نظيره لإفراغ أي تواجد ايراني او اي فصائل محسوبة عليها من الجنوب، وحتى في الشكل التوافقي لخفض التصعيد في المنطقة، ورسالة سياسية للثاني ( أي بوتين) أن "إسرائيل" في حل ٍّ من أي توافقات أو تنسيق أو بروتوكول إذا ماعُزز مايقلقها في الجنوب، من هنا نقرأ ونفهم ماأعلنه ليبرمان بأن هذا القصف لن يكون الأخير ولن يسمح بما وصفها الخروقات السورية والإيرانية.
ما كتبه تسفي برئيل في صحيفة هآرتس لجهة أن "إسرائيل" تجد نفسها تزحف للساحة السورية خلافاً للخطة التي كان أساسها عدم التدخل في الحرب السورية، إلا باستثناء قصف مخازن أو قوافل أسلحة استراتيجية كانت في طريقها لحزب الله، ولم تعد مشاركتها في الميدان السوري تكتيكية لجمع المعلومات فقط بل أصبحت استراتيجية بهدف المشاركة في إدارة الحوار الذي جرى طوال الفترة الماضية بين الأردن والسعودية وروسيا والولايات المتحدة في جزئية الجنوب، يلخص ماهية السلوك الإسرائيلي، وكذلك ماكتبه أليكس فيشمان بأن كل من له مصلحة في الفوضى هو موجود هناك في سوريا وهم يعصرون ”الليمونة” و"اسرائيل" ستتدخل في عصرها حتى آخر قطرة بحسب تعبيره.
اجتماع بوتين ترامب في هامبورغ سيحدد إن كان من ثمة من عصير ” للزيت ” على النار في سورية وكما قال الروس مرة ( ولو بلغ مابلغ)، أم سيكون للتوافق ” التائه ” مستقر.
* محمد بكر/ رأي اليوم