هل ستُدوّن زيارة ترمب الأولى للسعودية أنها كانت المفجّر لِما تبقّى من إستقرار في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط ؟
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- ما يُدرينا حقيقة أنه مثلما كان مقتل الدوق النمساوي في الحرب العالمية الأولى هو الصاعق الذي فجّر ها، وإفتتان الأميرة باريس بنجل ملك طروادة وهروبها معه ،فجر حرب طروادة الشهيرة، وإغلاق مضائق ( تيران) في وجه السفن الإسرائلية فجر – أيضا – حرب العام (1967)، وهذه الزيارة قد تضاف لتلك الأحداث والأسباب التي مثلت صواعق لاشعال حروب تاريخية،خاصة وقد كشفت عن غليان شديد بين الإخوة/ الأعداء ، الحلفاء / الألّداء ،وتحديدا بين قطر من جهة ومصر والسعودية والإمارات من جهة ثانية ،رغم التباين الحاصل عادة بين هذه الأخيرات في كثير من الملفات.
المهم كل المراقبين يدركون بأن الخلاف القطري/ السعودي ليس وليد اللحظة،لكنه كان على الأقل، يظهر على السطح ويختفي تحت الرمال، حسب درجة حرارة الصحراء التي تجمعهما ، ولعلنا نتذكر أنه قبل سنوات قليلة سحبتا الرياض وأبوظبي سفيريهما من الدوحة،وبعدها قام أمير دولة الكويت بالتدخل وأعيدت العلاقات، لكنها ظلت باردة فيما التباينات تزداد سخونة.
ومن يتابع أسباب مايجري سيجد أن السعودية ما أنفكت تنظر لقطر كفريسة ثمينة يمكن إبتلاعها في يوم ما، هذا من جهة ،ومن جهة ثانية كمشاكسة عنيدة تجلب لها الصّداع النصفي، على إعتبار أن الدوحة نافستها كثيرا في النفوذ من خلال إستخدامها الذكي والمبالغ فيه للقوة الناعمة (المال _ الإعلام ).
وقد أنضمت إلى الرياض لاحقا ( أبوظبي) التي تُضمر العداء بشكل واضح لكل ما يمت بصلة للإخوان المسلمين ،الذين تتُهم قطر بأنها الممول والداعم الأول لهم.
قاومت قطر كل الضغوط وكانت تعمل بذكاء وتلعب على المتناقضات وفق سياسة مدروسة وقد ساعدها على التفوق ،أيضا، المشاكل العديدة للمنطقة التي فتحت لها بوابات واسعة مكنتها من التعاطي مع ملفات كثيرة والقيام بدور الوسيط لحل النزاعات بما في ذلك اطلاق سراح مختطفين أجانب وغيره.
ومن يتأمل في محطات هذه الخلافات يستنتج بأنها تتغذّى دائما على الكراهية والعناد ومبدأ رفض فهم الآخر لتدخل مؤخرا منعطفا خطيرا من خلال الحروب والحروب بالوكالة والتوترات التي كُللت بالتصريحات المنسوبة لأمير قطر،التي لم يجد نفعا نفيها،خاصة وأنها وضعت ملحا ناعما فوق الجرح السعودي وتطرقت لملفات حساسة بالنسبة للرياض ومنها العلاقات القطرية / الإيرانية.
وحينما ننظر لقوة الإنفجار وردود الفعل التي أحدثتها تلك التصريحات ..نعتقد بأنه سيكون لها تبعات كثيرة،سيما وأن هناك من فسرها بأنها أرادت التأكيد بأنها ستتحالف علنا مع إيران، وهذه بحد ذاتها تعتبر أخبار صاعقة وخطوط حمراء بالنسبة للسعودية.
وتأسيسا على ذلك لا نستبعد أن تتحالف قطر بالفعل، مع خصوم الرياض اللدودين ومنهم حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والوفاق البحرينية والحوثيين وعلي عبدالله صالح في اليمن، وبتعبير آخر يبدو أن الدوحة مستعدة لفتح بوابات الجحيم على الجميع ولا يهم أن تكون هي من ضمن المكتوين بها أو من سيدفع ثمنا كبيرالفاتورتها، لأن الأهم، بالنسبة لها، هو أن لا ترفع الراية للجيران.
لكن ربما أن أكبر فاتورة ستدفعها ستكون نقل قاعدة ” العديد” منها إلى دولة أخرى في حال نجحت السعودية في إقناع واشنطن لتوجيه هذه الصفعة.
ختاما:
من المفيد الإشارة هنا بأن جل الصراعات العربية / العربية الحديثة،سواء كانت عسكرية أو بالطرق الناعمة تجعلنا نستخلص بأن غاية كل طرف هي إثبات بأن الآخر على خطأ وهو على صواب ، وهذه في الواقع معضلة وتفكير قاصر يقودنا من أزمة إلى أخرى ،ولايشجع أبدا في إنخراط الجميع في حوارات جادة لا ترتكز على النقاشات المستوحاة من الأحكام المسبقة والقناعات الجاهزة والصماء.
بقي سؤال ملح : هل انتهت صلاحية البطارية التي كانت تزود القوة الناعمة لقطر بالطاقة ،أم ستغيرها بمصادر طاقة أخرى؟
سننتظر الإجابة…!
المصدر/ عبد الكريم المدي