كان لافتًا جدًا أنّ الهجوم الذي نفذّته "إسرائيل" اليوم بالقرب من مطار دمشق الدوليّ، ولم تتحمّل المسؤولية حتى اللحظة، كان لافتًا من ناحية التوقيت: إذْ كشفت مصادر سياسيّة رفيعة في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب النقاب عن أنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سيزور الكيان الاسرائيلي الشهر القادم، بالإضافة إلى السعوديّة والأردن ورام الله، إذْ أنّه معنيٌ لكي يُثبت للدول العربيّة أنّه جادٌّ في تشكيل الحلف العسكريّ، على شاكلة حلف شمال الأطلسيّ بين الدول العربيّة المُعتدلة وبين أميركا و"إسرائيل"، والذي سيكون هدفه الرئيس، بحسب المصادر، وقف "مزاعم" التمدّد الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- بحسب النبأ الحصريّ الذي أوردته صحيفة (يديعوت أحرونوت) الاسرائيلية، فإنّ ترامب سيصل إلى المنطقة وبجعبته صفقة جديدة لتحريك ما يُسّمى بالعملية السلميّة بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس أجزاءٍ تقبلها إسرائيل من مُبادرة السلام العربيّة.
وبحسب المصادر عينها، أكّدت الصفقة، سيُعلن ترامب عن نقل الاعتراف بالقدس المُوحدّة بجزأيها الغربيّ والشرقيّ، عاصمةً أبديّةً للكيان الاسرائيلي، وبالمُقابل سيُعلن عن موافقته على إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ، إلى جانب كيان "إسرائيل"، وذلك بهدف تحريك عملية التسوية بين الطرفين.
وجاء أيضًا في التفاصيل، أنّ ترامب ما كان ليقوم بالزيارة التي وُصفت بالتاريخيّة بدون التقدّم المُهّم في المفاوضات التي تجري خلف الكواليس حول المُبادرة التي تبنّاها وسيقوم بطرحها كصفقةٍ. ولفتت المصادر عينها إلى أنّ الإعلان عن المُبادرة الجديدة للرئيس الأميركي جاء مُتزامنًا مع الأنباء المتواترة جدًا في الأسابيع الأخيرة حول نيتّه عقد مؤتمرٍ إقليميٍّ في واشنطن بمُشاركة "إسرائيل" والسلطة الفلسطينيّة وعددٍ من الدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة، وفي مقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة، يكون على أساس أجزاءٍ من المبادرة السعوديّة، التي يرفض رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، بنودًا كثيرةً منها.
كما شدّدّت المصادر على أنّ إدارة الرئيس ترامب تعكف في هذه الأيّام على بلورة المبادرة، حيث ستكون السعوديّة، الأردن، ومصر، شريكات كاملات من أجل تحقيق الهدف، الذي يشترط على محمود عبّاس وقف الإرهاب، فيما تلتزم "إسرائيل" بلجم الاستيطان في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، كما قالت المصادر.
يُشار إلى أنّه خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض، في منتصف شهر شباط (فبراير) المُنصرم، قال نتنياهو، إنّه لأوّل مرّةٍ في حياته، ولأوّل مرّةٍ منذ إقامة كيان "إسرائيل"، لا تعتبر الدول العربية "إسرائيل" عدوة، بل تعتبرها حليفة لها.
ووجّه نتنياهو، حديثه إلى ترامب قائلاً: سيدي الرئيس، لو استطعنا صدّ الإسلام المتطرف سنستطيع أنْ ننتهز فرصة تاريخيّة، وتابع: أؤمن أنّ تحت زعامتك هذا التغيير الذي حدث في منطقتنا يجلب معه فرصة غير مسبوقة لتعزيز الأمن ولدفع السلام إلى الأمام. فلنحقق هذه الفرصة معًا. فلنعزز الأمن ونجد طرقا جديدة نحو السلام ونقود التحالف العظيم، على حدّ تعبيره.
واسترسل نتنياهو قائلاً: تحت زعامتك، أؤمن أننّا سنستطيع أنْ نُعيد موجة الإسلام المتطرف الهائجة إلى الوراء وفي هذه المهمة وفي مهام أخرى، إسرائيل تقف إلى جانبك وأنا أقف إلى جانبك، على حدّ تعبيره.
في غضون ذلك، كشف وزير الحرب الاميركي جميس ماتيس، خلال زيارته لإسرائيل، عن توجه أميركي بتشكيل حلف دفاعيّ إقليميّ ــ شرق أوسطي. وهو ما رأى فيه موقع (Israel Defense)، وهو موقع مختّصٌ بالشؤون العسكريّة والأمنيّة، أنّه مشروع أميركي يهدف إلى تشكيل حلف "ناتو شرق أوسطيّ” لمواجهة التهديد الذي تمثّله في إيران على "إسرائيل".
وأوضح ماتيس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره أفيغدور ليبرمان، أنّ تحالفنا مع "إسرائيل" هو حجر الزاوية في هيكلية أمنية إقليمية واسعة جدًا، تضم التعاون مع مصر والأردن والسعودية وشركائنا في دول الخليج (الفارسي). وحدد هدف هذا الحلف بأن هدفي هو تعزيز شراكتنا في هذه المنطقة، من أجل ردع وهزيمة التهديدات، وفي نهاية الأمر إخافة أعدائنا، بحسب تعبيره.
وأوضح الموقع الإسرائيليّ أنّه من أجل تشكيل هيكلية أمنية إقليمية تهدف إلى ردع وهزيمة التهديدات، هناك حاجة إلى تعاون عسكري وتكنولوجي واستخباراتي. وما لم يذكره ماتيس، بشكلٍ مباشرٍ، أوضحه الموقع الإسرائيلي بالقول: على ما يبدو، التهديد الذي تطرق إليه ماتيس هو النووي الإيرانيّ والإرهاب الذي تنشره طهران، في إشارةٍ إلى محور المقاومة، وتواجهه "إسرائيل" والدول السنيّة، في إشارةٍ إلى السعودية ومصر والأردن.
وعلى المستوى العسكريّ، رأى الموقع أنّ حلفًا كهذا يستوجب إجراء تدريبات مشتركة، على الأقل على مستوى القادة العسكريين الذين سيضطرون خلال الحرب مع إيران إلى رؤية صورة وضع مشتركة للعمليات الإيرانية، وفي المقابل لقوات التحالف الإقليمي. وأضاف أنّ تحالفًا كهذا يحتاج إلى قدرة نقل نقاط ثقل بسرعة إلى أنحاء الشرق الأوسط والخليج (الفارسي) من أجل هزيمة إيران، وهو ما يتطلب عمليات تنسيق وتدريبات.
وعلى المستوى الاستخباري، أكد الموقع أنّ تشكيل حلفٍ إقليميٍّ يستوجب تبادل معلومات إستراتيجية وأيضًا تكتيكية. وعلى المستوى التكنولوجيّ، يفرض تشكيل حلف كهذا، من ضمن أمور أخرى، جمع قدرات الدفاع الجوي معاً… وعمل الرادارات ومنصات الإطلاق، في نسيج واحد قدر الإمكان، لمواجهة الصواريخ النووية الإيرانيّة.
وأشار الموقع إلى حقيقة أنّ كون الولايات المتحدّة شريكة في تطوير منظومات الدفاع الجويّ الإسرائيليّ، وهي التي باعت الدول الأخرى في الحلف منظومات دفاع، وبالتالي تُصبح عملية الجمع بين قدرات وهذه الدول أمرًا ممكنًا.
ونعود ونُذكّر أنّه حتى كتابة هذه السطور، ساعات الصباح بتوقيت القدس المُحتلّة، لم تُعلن "إسرائيل" مسؤوليتها عن القصف بسوريا، كما أنّ وسائل إعلامها تعتمد في تقاريرها على أنباءٍ صحافيّةٍ من وسائل الإعلام العربيّة.
زهير اندراوس - رأي اليوم