التصعيد الأخير الحاصل بنشر منظومة صاروخية أميركية متطورة لمواجهة بيونغ يانغ يحمل من الأبعاد ما يتجاوز الكوريتين واليابان، فالصين غير بعيدة، ونشر هذه المنظومة الصاروخية يُحاكي الدرع الصاروخية المُوجهة ضد روسيا وإيران ولا ينأى عنها.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- مسلسل الأزمات الدولية مُتعدد الحلقات المُتداخلة لا تبدو التقاطعات القائمة فيما بينها، وفيما بين اللاعبين الأساسيين، ناضجة بما يكفي لإلغاء احتمالات التصادم التي تُهدد بنشوب احتكاك مباشر في أكثر من مكان على امتداد جغرافيا المصالح.
فالتصعيد الأخير الحاصل بنشر منظومة صاروخية أميركية متطورة لمواجهة بيونغ يانغ يحمل من الأبعاد ما يتجاوز الكوريتين واليابان، فالصين غير بعيدة، ونشر هذه المنظومة الصاروخية يُحاكي الدرع الصاروخية المُوجهة ضد روسيا وإيران ولا ينأى عنها.
الاتصال الهاتفي الأخير بين ترامب ونتنياهو الذي تركز حول إيران، والخروج منه باتفاق يُوجب عمل الجانبين معاً لمواجهة طهران وتهديدها المزعوم بما يسمح بمراجعة للاتفاق النووي، جزءٌ من أجندة شاملة تعمل بموجبها وتلتزم بها واشنطن التي تلعب على جميع الجبهات ومع جميع الأطراف لترتيب أوضاع تتناسب مع المرحلة وبما يخدم أهداف علاقتها الشيطانية غير القابلة للانفصال مع إسرائيل.
حتى الأزمة العميقة التي ظهرت بقوة خلال وقت قصير بين تركيا وأوروبا تحرص واشنطن على توظيفها والاستفادة منها، وقد يُمثل عدم التدخل فيها بحركة أو موقف واضح شكلاً من أشكال إدارتها، ذلك أن تقويض الاستقرار، وضرب التوازنات والمصالح، وخلط الأوراق على المستويين الإقليمي والدولي في الشرق الأوسط، في شرق آسيا، وفي أوروبا، هو هدف أميركي بذاته يضمن استدعاءها ويجعل تدخلها مقبولاً.
أميركا بيت داء يُوزع على العالم ألماً لا دواء له، وإنما مُسكنات تتيح لها مساحة زمنية أطول تسمح بانتشاره واستفحاله، بدوره سيسمح لها باللعب في مساحات الانتشار الأوسع، وسيُخطىء من يعتقد أن الأمم المتحدة وبريطانيا وألمانيا وقطر والكويت فوضت بمعزل عن أميركا التحدث باسمها عن مؤتمر تستضيفه بروكسل مطلع الشهر القادم حول سورية لن يُقدم غير المُسكنات وسيكون مناسبة لتحشيد عناوين جديدة مطروحة للاستثمار، ولن يُجانب الصواب من يعتقد أن السعودية أم المحميات الخليجية اتخذت بمُفردها قرار الغياب عن اجتماع القاهرة الوزاري.
أميركا وإسرائيل موجودتان حاضرتان في كل ركن وتفصيل، وأغلبية دول العالم وحكوماتها تُسلم برغباتهما وتستسلم لها، إلا البعض القليل المُقاوم لهذه الرغبات، المُحبط لمُخططاتهما في الاحتلال والتوسع والهيمنة، وإن أحد أسباب الهجمة الإرهابية الشرسة ضد سورية ومحور المقاومة هو عدم تسليم سورية بما تُمثله من حلقة ذهبية في محور المقاومة بتلك الرغبات، وعدم استسلام المحور لواقع ونتائج تلك المُخططات، بل لأنه جعلها تفشل وتتكسر.
لن ينتهي مسلسل الأزمات التي تفتعلها وتصنعها أميركا هنا وهناك، نظامها الإمبريالي يحيا عليها ويعتاش منها، ويبقى لها أن تواصل ما تقوم به، ولنا أن نتصدى ونكسر مشاريعها وخططها الحالية والبديلة، وإنّ الانحسار التدريجي للخطر الإرهابي في سورية والعراق والمنطقة، واختلاف لغة ومُخرجات جنيف وأستانا، هو نتيجة الصمود والثبات الذي أنتج انكفاء مرحلياً وتراجعاً تكتيكياً، وسيُنتج لاحقاً انسحاباً وتسليماً أميركياً، وقد أُعدّ جيداً حتى لما بعده.
المصدر: صحيفة الثورة