"هيومن رايتس ووتش"... روايات لا ترقى إلى مستوى الأدلة في العلم الجنائي.. ما القصة؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۹۰۷۵
تأريخ النشر:  ۲۲:۵۴  - الأربعاء  ۱۷  ‫یولیو‬  ۲۰۲۴ 
المعلومات والتي أسمتها هيومن رايتس ووتش بـ "الأدلة" هي معلومات مأخوذة من تصاريح ومقابلات مع "الضحايا" ومحلّلين سياسيين إسرائيليين، وصور وأفلام من وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يحصل أي معاينة حقيقية للأدلة على الأرض.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- نشرت هيومن رايتس ووتش، تقريراً بعنوان "لا أستطيع محو كلّ تلك الدماء من ذهني"، توثّق فيه مزاعم ارتكاب ما أسمته "جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر على يد فصائل بقيادة حماس"، كما جاء في البيان الذي نشرته.

وتقول المنظّمة إنّ التقرير استند إلى مقابلات مع الضحايا الإسرائيليين، واستند إلى تقارير صحافية ومراسلين عاينوا المواقع بعد أن قام "الجيش" الإسرائيلي بتأمينها، بالإضافة إلى صور وأفلام من مواقع وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي.

لا شكّ أنّ ذلك التقرير أورد العديد من الادّعاءات والاستنتاجات التي توصّل إليها واضعو التقرير بناء على المعطيات التي جمعوها، ونسجّل الملاحظات الآتية:
1- الأدلة والشهود

يقول كينيث روث المدير التنفيذي السابق للمنظّمة (1993-2022)، على حسابه في منصة "أكس" إنّ هيومن رايتس ووتش "نشرت تقريراً رئيسياً عن الفظائع التي ارتكبتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، على الرغم من أنّ الحكومة الإسرائيلية رفضت طلبات هيومن رايتس ووتش المتكرّرة لزيارة الكيبوتسات والمجتمعات الأخرى التي تعرّضت للهجوم". 

هذا التصريح يؤكد أنّ المعلومات والتي أسمتها هيومن رايتس ووتش بـ "الأدلة" هي معلومات مأخوذة من تصاريح ومقابلات مع "الضحايا" ومحلّلين سياسيين وصحافيين إسرائيليين، وصور وأفلام من وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يحصل أي معاينة حقيقية للأدلة على الأرض، أو لمقارنة شهادات الشهود مع الواقع داخل المستوطنات.

إنّ ما سبق، يستدعي من المنظّمة الحذر من قدرة التصريحات الإسرائيلية والمقابلات على تشكيل "أدلة" في ظلّ ضبط إسرائيلي شديد لكلّ ما يمكن الإدلاء به لتحقيقات خارجية، مع الإشارة إلى أنّ لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة، كانت قد أكدت أنّ "إسرائيل" تعرقل جهودها جمع الأدلة من ضحايا هجوم السابع من أكتوبر.

وخلال جمع الأدلة والتحقيق، قالت نافي بيلاي، رئيسة لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة و"إسرائيل"، "أشعر بالأسف لأن الأشخاص في إسرائيل الذين يرغبون في التحدّث إلينا يُحرمون من هذه الفرصة".
2-قتل المدنيّين

يذكر تقرير هيومن رايتس ووتش أنّ "حماس والفصائل الفلسطينية" قتلت أعداداً كبيرة من المدنيين في العديد من مواقع الهجوم، ووقع العدد الأكبر من الوفيات خلال الهجوم على مهرجان "سوبر نوفا" الموسيقي، حيث قُتل 364 مدنياً على الأقل، وعلى الفارّين بسياراتهم وأحرقوا المنازل وقصفوها إلخ..

وفي هذا الإطار، عتّم تقرير المنظّمة على التحقيقات التي أجريت في "إسرائيل" والتي كشفت أنّ معظم المدنيين الإسرائيليين سواء في المستوطنات أو في الحفل الموسيقي قد قتلوا بنيران "الجيش" الإسرائيلي. وتغاضت هيومن رايتس ووتش في تقريرها عمّا كانت قد كشفته صحيفة هآرتس وما كشفه تحقيق لجنة الأمم المتحدة من أنّ "الجيش" الإسرائيلي أمر بتفعيل "بروتوكول هانيبال" بقتل المحتجِز والمحتجَز خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

- أكدت التحقيقات التي نشرتها هآرتس، أنّ معظم الضحايا قتلوا بنيران "الجيش" الإسرائيلي، وأنّ "الجيش" أمر بمنع أيّ سيارة من العودة إلى غزة أثناء الهجوم، من دون مبالاة بأنّ ذلك يعرّض حياة سكان غلاف غزة للخطر.

- واتهم تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة و"إسرائيل"، "الجيش" الإسرائيلي باستخدام "بروتوكول هانيبال" عدة مرات خلال الهجمات في غزة، لمنع مسلحي حماس من اختطاف الإسرائيليين، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى مقتلهم. وأكد التقرير "استخدام بروتوكول هانيبال" في موقع احتفال "نوفا" في السابع من أكتوبر، إذ حصل "إطلاق مروحيات تابعة لإسرائيل النار على سيارات مدنية ما أدى إلى مقتل إسرائيليين". 
3- اتهامات بالاغتصاب

تقول هيومن رايتس ووتش إنها وجدت "أدلة على أعمال عنف جنسي وعنف قائم على النوع الاجتماعي من قبل المقاتلين، بما فيها التعرية القسرية، ونشر صور أضفي عليها الطابع الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي من دون الحصول على موافقة"، وتدعو إلى التحقيق بحصول عمليات اغتصاب.

مع العلم أنّ المنظّمة تعود وتقرّ في تقريرها أنها لم تتمكّن من جمع معلومات يمكن التحقّق منها من خلال مقابلات مع ضحايا الاغتصاب أو شهود عليه أثناء هجوم7  تشرين الأول/أكتوبر، وأنها طلبت الوصول إلى معلومات حول العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي بحوزة الحكومة الإسرائيلية، لكن لم تتمّ الموافقة على هذا الطلب.

ويعود التقرير إلى إدراج الزيارة التي قامت بها الممثّلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع بدعوة من الحكومة الإسرائيلية والتي طالبت خلالها بتحقيق موسّع، لأنّ "هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بحصول اغتصاب" بناءً على شهادات إسرائيليين أفادوا أنهم شهدوا حالات اغتصاب. 

وبالرغم من أنّ لجنة الأمم المتحدة التي أجرت تحقيقاً موسّعاً ومعمّقاً في الجرائم التي حصلت في 7 أكتوبر ومنها الجرائم الجنسية أكدت أنه لم يحصل أيّ حالات اغتصاب من قبل حماس والفصائل الفلسطينية، إلا أنّ تقرير هيومن رايتس يطرح الأمر وكأنّ الاغتصاب حصل ويستوجب التحقيق والمساءلة، بالرغم من عدم وجود أيّ أدلة على ذلك.
4- التعذيب والتنكيل بالجثث

تستند هيومن رايتس ووتش في مزاعم التعذيب والتنكيل بالجثث إلى فيديوهات منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشير بالتحديد إلى حساب إسرائيلي "ساوث فيرست ريسبوندرز"، حيث يدرج التقرير كتأكيد للتعذيب أنّ "فيديو تمّ التحقّق منه ومنشور على قناة تلغرام التابعة لمسعفي الجنوب" يظهر رجالاً يرتدون عصابات رأس تابعة لكتائب القسام يقتادون رجلاً من ملجأ في محطة حافلات قرب كيسوفيم، ويضربه أحدهم مراراً بعقب بندقية.

ويقترب مقاتل ثانٍ وهو يحمل رباطاً بلاستيكياً ويشرع بركل الرجل مرتين على رأسه قبل أن يوقفه عن ذلك مقاتل آخر" بحسب نص التقرير. أما التنكيل بالجثث فتستند "أدلة" هيومن رايتس ووتش إلى حساب فتاة "مجهولة" تغرّد بالإنكليزية قامت بنشر فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي.

في النتيجة، إن ما تسمّيه هيومن رايتس ووتش "أدلة" تدعو إلى استخدامها في مزيد من التحقيقات، هي ـــــ واقعياً ـــــ عبارة عن مقابلات وصور وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، لا ترقى إلى مستوى الأدلة في العلم الجنائي وفي القانون الدولي، خاصة مع تطوّر الذكاء الاصطناعي، ومع ما قام به الإسرائيليون من تزييف للحقائق والادعاء بوجود صور لأطفال مقطوعي الرأس تمّ حرقهم، ليتبيّن زيفها فيما بعد (على سبيل المثال لا الحصر).

أما المقابلات، فيمكن التأكيد أنه قد تمّ الكشف سابقاً في تحقيقات المحاكم الجنائية الدولية أن إفادات الأشخاص (يسمونهم شهود عيان) غير كافية للإدانة بدليل أن دراسات أكاديمية قامت بها جامعة أكسفورد حول الشهود في المحاكم الدولية، بيّنت أن أكثر من 50 بالمئة من تلك الشهادات مزوّرة، وأن الشهود لم يكونوا في موقع الجريمة أو لا يعرفون المكان الذي حصلت فيه الجرائم، وأنهم في معظم الأحيان كانوا "شهوداً لم يرَوا شيئاً".

انتهی/

رأیکم