دعت جبهة الانقاذ المصرية المعارضة الى مظاهرات في كل انحاء مصر يوم الجمعة المقبل للتأكيد على حرمة دماء الشهداء وتحقيق اهداف الثورة المصرية حسب بيان رسمي اصدرته واعلنت فيه رفضها دعوة الرئيس محمد مرسي الى حوار وطني.
بيان الجبهة سيؤدي حتما الى اغلاق الباب امام كل فرص الحلول الممكنة للخروج من الازمة الحالية التي تهدد باطالة حالة الشلل التي تعيشها البلاد حاليا وتصاعد اعمال العنف التي انعكست بشكل دموي في مدن القناة ومدينة بورسعيد على وجه الخصوص، اثر صدامات بين قوات الامن وبعض المتظاهرين اسفرت عن اصابة المئات.
الرئيس مرسي وجه الدعوة لقادة جبهة الانقاذ الثلاثة: الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى للانخراط في حوار لبحث كيفية الخروج من الازمة، ولكن هذه الدعوة لم تلق اي تجاوب من قبل جبهة المعارضة التي تقدمت بشروط تعجيزية لتبرير موقفها هذا مثل اعتراف الرئيس مرسي بمسؤوليته شخصيا عن ازهاق ارواح القتلى في بورسعيد، وتعديل بنود الدستور موضع الخلاف، وتشكيل حكومة انقاذ وطني.
مقربون من الرئيس مرسي اعتبروا هذه الشروط تعجيزية جرى طرحها من اجل رفضها، وليس من اجل الموافقة على الحوار، لان من يقبل بالحوار من حيث المبدأ عليه ان يجلس الى طاولته ويتقدم بمطالبه امام الطرف الآخر والاستماع الى وجهة نظره حولها وبحث امكانية الوصول الى منطقة في الوسط حسب وجهة نظرهم.
رفض الجلوس الى طاولة الحوار والدعوة الى مظاهرات احتجاج يوم الجمعة المقبل هو نزول واضح الى حلبة التحدي، والتسلح بالدماء التي سالت في المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في بورسعيد كورقة قوية لحشد المتظاهرين وتعبئتهم ضد نظام الرئيس مرسي.
مصر تنجرف بسرعة نحو الفوضى غير الخلاقة، الامر الذي سيؤدي الى واحد من احتمالين، الاول هو انفجار حرب اهلية بين المعسكرين المتصارعين على السلطة وانصارهما، والثاني تدخل الجيش ونزوله الى الشوارع في محاولة لفرض الامن والسيطرة على الاوضاع.
الاشتباكات الدموية التي وقعت في القاهرة في اليومين الماضيين واسفرت عن وقوع قتلى وجرحى ترجح الاحتمال الاول اي قرب الانخراط في الحرب الاهلية، اما اعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في مدن القناة وسيطرة الجيش على مداخل هذه المدن وخارجها، هو ترجيح للاحتمال الثاني.
في جميع الاحوال فان المشهد المصري يبدو كارثيا من اي زاوية يتم النظر اليه منها، والاخطر من كل هذا ان احتمالات التوافق والبحث عن حلول مغلقة ابوابها كليا بسبب حالة القطيعة المتفاقمة بين الرئيس مرسي ومعارضيه.
من الواضح ان المعارضة المصرية المتمثلة في جبهة الانقاذ تريد اسقاط حكم الرئيس مرسي، سواء من خلال المظاهرات تماما على الطريقة نفسها التي اطاحت بالرئيس مبارك، او من خلال الضغط عليه للدعوة الى انتخابات جديدة.
بيان المعارضة كان واضحا عندما قال 'ان الجبهة ترفض وسائل التهديد والترويع التي هدد بها الرئيس في خطابه، وهي اساليب اسقط التاريخ اصحابها وآخرهم الرئيس حسني مبارك، والحوار الجاد والنزول الى ارادة الامة هو الخطاب الوحيد الذي يمكن ان يقبله الشعب'.
النزول الى ارادة الامة مثلما قال البيان الصادر امس يعني، وبكل بساطة، تنازل الرئيس مرسي عن الحكم والدستور، ولا نعتقد انه سيقبل بذلك.
مصر تتجه الى مستقبل مظلم، وكارثة ابرز عناوينها الحرب الاهلية، والايام والاسابيع المقبلة قد تكون حافلة بالصدامات وسفك الدماء، ونأمل ان نكون مخطئين.
الرابط :