طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- واليكم نص مقابلة قناة العالم مع رئيس ائتلاف دولة القانون العراقي السيد نوري المالكي:
سليماني أوقف أكثر من خطة لتغيير المنطقة
س: سيادة الرئيس نعيش هذه الأيام ذكری استشهاد قادة النصر، الحاج قاسم سليماني والحاج أبومهدي المهندس بجريمة أميركية.. برأيكم لماذا أقدمت الولايات المتحدة الأميركية علی هذه الجريمة؟
المالكي: بسم الله الرحمن الرحيم. بهذه المناسبة أنا أتقدم بالعزاء لكل الشرفاء وكل المجاهدين ولكل الثوار ولعوائل الشهداء وعوائل الشهيدين الحاج قاسم رحمة الله عليه والحاج أبومهدي المهندس. أتقدم لهم بالعزاء سائلاً المولی جل وعلی أن یتغمدهم برحمته الواسعة وأن يكون خلفهم علينا وعلی المجاهدين خيراً.
حینما یكون الصراع یصل إلی المحرمات فيما تقوم به الدول مع بعضها يصبح استهداف القادة هو في مقدمة الأهداف التي تستهدفها الدولة المتنازعة مع الدولة الأخری. وإذا طبقنا هذا الكلام علی الصراع بين إيران وأميركا وهو صراع عنيف وعميق وله امتدادات وأمامه مشوار طویل من التحديات، فمن الطبيعي جداً أن یستهدفوا القادة الذين حققوا انتصارات والذين استطاعوا أن يحققوا تقدماً. في هذا التقدم أوقفوا كثير من المخططات التي كان يراد لها أن تسير المنطقة علی وقعها. يعني حاج قاسم سليماني رحمة الله عليه في حركته في تواصله في اهتمامه في جهاده استطاع أن يوقف أكثر من خطة للتغيير في المنطقة.
من اليمن إلی سوريا إلی لبنان إلی العراق.. إن لم یكن هو الذي كان قد قاد عملية إيقاف المخططات لكن ساعد الشعوب ساعد الحركات ساعد الجهات في هذه الدول لكي تصمد لكي تتماسك لكي تكون قوية في مواجهة ما يخطط من انهيار. يعني أنا آخذ نموذج سوريا، سوريا يراد لها أن تسقط بمخطط اشتركت فيه "إسرائيل"، دول عربية، أميركا وبسقوط النظام السوري الذي يقوده الدكتور بشار الأسد، لا تنتهي القصة ولايتنهي المشروع وإنما يبدأ بعد سقوط النظام في سوريا، ستأتي النصرة والقاعدة وهؤلاء الإرهابيين لكي يتحركوا علی لبنان وعلی العراق وعلی الأردن، وبالتالي "إسرائيل" ستكون علی الخط، وستحصل أزمة كبری في المنطقة. فموقف الحاج قاسم سليماني ومعه المجاهدون الذين وقفوا في سوريا ودافعوا وقاوموا ووقفنا جميعاً، أنا اقولها لا خوفاً ولا وجلاً وقفنا وقلنا إذا رأينا احتمال سقوط النظام السوري سنأخذ الجيش العراقي ونقاتل في سوريا، لماذا؟ لأن سقوط النظام في دمشق هو انهيار، سيعم المنطقة بأكملها الارتباك. حاج قاسم كان النموذج الأبرز في عملية الوقوف لمنع انهيار النظام السوري، وهكذا كان دوره في العراق ودوره في لبنان ودوره في اليمن. لذلك من الطبيعي جداً ان تستهدف أميركا الحاج قاسم سليماني، لأنه باللغة البسيطة الدارجة "خرّب مشاريعهم". بل بعض الدول العربية أصحاب المشاريع هم الذين كانوا يدفعون ما يمكن أن يدفعوا من أجل أن يتخلصوا من نموذج من القيادات مثل حاج قاسم ومثل أبومهدي المهندس وإخواننا الآخرين من العراقيين الذين قادوا الجهاد.
واشنطن أضعفت الجانب العراقي لصالح عمليات داعش
س: عندما هاجم داعش العراق بدأ غزوه ضد العراق واحتل مناطق واسعة من العراق كنتم رئيساً للوزراء آنذاك. وجهتم طلباً للولايات المتحدة الأميركية للقيام بواجبها بموجب الاتفاقية الأمنية. تراجعت وتخلت عن تعهدها ومن ثم تواصلتم مع طهران مع الحاج قاسم.. هل يمكن أن تروي لنا تلك المرحلة؟
المالكي: بالحقيقة ما طلبنا من أميركا أن تأتي وتتدخل وتساعدنا بناءاً علی الاتفاقية الأمنية إنما طلبنا من أميركا تنفيذ الاتفاقية الموقعة بيننا وبينهم، اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وفيها أن أميركا إذا تعرضت الديموقراطية في العراق وبناءاً علی طلب الحكومة العراقية هم يقدمون الدعم، لا أن يأتون ويقاتلون. الذي طلبناه من الإدارة الأميركية هو فقط أنه أعطونا السلاح الذي تم الاتفاق عليه والذي اشتريناه منكم. لأنه صرنا في مواجهة داعش والقاعدة ومن يقفون خلفها في التسليح والتجهيز والقوة التي كان يمتلكونها مقابل عدم وجود هذا السلاح بل بعض الأسلحة الموجودة حتی عتادها لم یكن موجوداً لدينا. الأميركان أوقفوا عنا العتاد والصواريخ والآليات والأدوات الاحتياطية فطلبنا منهم أن ينفذوا ما تم التعاقد عليه علی الأقل.
س: لماذا رفضوا؟
المالكي: والله هنا تكمن المصيبة الكبری. الجانب الأميركي تم الاتفاق بيننا وبينهم علی سحب القوات الأميركية من العراق وكان الاتفاق في زمن الجمهوريين، في زمن جورج بوش وتنفيذ الانسحاب تم في زمن الديموقراطيين في زمن أوباما. يبدو أن الجانب العسكري الأميركي لم يكن مرتاحاً لعملية انسحاب القوات من العراق وبدأت تتفاعل موجة من الانزعاج والتحديات داخل الوضع الأميركي أن العراق الذي أنفقنا عليه كل هذه الأموال والضحايا نخرج منه دون أن يكون لنا وجود في العراق، هذا غيرممكن. ومن هنا بدأت عملية معاقبة الحكومة العراقية بل معاقبة المالكي الذي كان سبباً في سحب أو في إخراج القوات الأميركية من العراق، لذلك أنا لا أريد أن أتحدث عما أنا اعتقد أكثر مما أتحدث عما حصل داخل الإدارات الأميركية من اتهام من قبل رئيس الولايات المتحدة الأميركية الحالي ترامب إلی الإدارة التي سبقته بأنها هي التي كانت خلف عملية تشكيل داعش. وإذا هذا الكلام هو الصحيح وهو الأقرب إلی الواقع لا نقول هي التي شكلت ولكنها هي التي سكتت أو دعمت وأوقفت التسليح وأضعفت الجانب العراقي لصالح عمليات داعش التي كانت تقوم بها. فالذي حصل هو عقوبة للعراق.
س: لكن هذه العقوبة وصلت إلی تخوم بغداد وكانت هناك إمكانية كبيرة لسقوط بغداد.
المالكي: نعم. هو هذا ما مشكلة يعني كانت بالإمكان حتی لو سقطت بغداد بيد هؤلاء كان يمكن أن تدار العملية إدارة أخری ولا يبقی هؤلاء هم الذين يحكمون بغداد. هؤلاء الحمقی، داعش وأمثالهم وطالبان هؤلاء يتقدمون ويقتلون ويقاتلون ويضربون ويفجرون ولكنهم بالنتيجة يخسرون ولايستطيعون أن يحتفظوا بأي نصر يمكن أن يقدموه هنا أو هناك. بالنتيجة سيعود العراق لو انتصرت داعش، يعود العراق إلی الإدارة الأميركية.
إيران ملأت فراغنا التسليحي في مواجهة داعش من مخزونها
س: لم تساعد الإدارة الأميركية آنذاك. كيف تعاملت إيران مع هذا الموضوع، والحاج قاسم سليماني بالذات.
المالكي: هو الذي طلبناه من الإدارة الأميركية بصراحة فقط عملية التسليح والتجهيز والأدوات الاحتياطية والعتاد وعندنا أسلحة أميركية مثل آبرامز، هذه الدبابات، دبابات فعالة ولكن ليس فيها عتاد. انتهی عتادها. حاولنا أن نشتري العتاد من مصر ولكنهم اعتذروا لأن الأميركان يشترطون علی من لديه هذا السلاح الأميركي ألا يعطونه إلا بموافقة أميركا. لا أدوات احتياطية وحتی طائرات الهليكوبتر وحتی الطائرات المقاتلة الإف 16 أيضاً أخروا فترة تسليمها يعني إذا كان ينبغي تسليمها هذا العام أخروها إلی العام اللاحق. وبهذه الإجراءات أضعفوا قدراتنا في المقاومة، وكان لدينا سلاح ولكنه أقل مما ينبغي أن تكون عليه مواجهة هجمة كانت مدعومة إقليمياً ودولياً. لذلك أصبحنا نبحث عن السلاح بأي ثمن، وذهبنا إلی بولونيا وإلی بلغاريا واتفقنا علی سلاح ولكن كان سلاحهم يأتي بعد فترة ونحن كنا بحاجة فورية للسلاح. المعارك علی حدود بغداد وعلی حدود سامراء وعلی حدود كربلاء. ولكن هذه الدولة أسلحتها لاتُعطی فوراً وإنما ضمن جداول التصنيع العسكري بالنسبة لهم. اتفقنا علی شراء هذه الأسلحة ولكنها لم تصل في الوقت المطلوب إإنما كان الاتفاق مع الشهيد الحاج قاسم رحمة الله عليه أن إيران تزدونا بالسلاح. نشتري السلاح من إيران. وهنا تكمن نقطة القوة والفضل الذي يسجل للجمهورية الإسلامية وللحاج قاسم بالذات شخصياً هو هذه المبادرة السريعة.
س: كيف تواصلتم مع الحاج قاسم، كيف تم الطلب؟
المالكي: كان لدي علاقة طبيعية معه ودائماً ألتقي به ويأتي إلينا ونراه.
س:مباشرة؟
المالكي: مباشرة.. أيضاً عندما صارت الأحداث هو كان في بغداد وسأل ما الذي نستطيع مساعدتكم عليه. قلت له تساعدونا بتزويدنا بالأسلحة. بيعوا لنا أسلحة. ولكن نريد أسلحة سريعة وعاجلة وتعطونا من مخازن السلاح الإيراني. الرجل لم يقصر وتوصيات قيادة الجمهورية الإسلامية أيضاً كذلك. كنا نتفق علی السلاح اليوم، غداً يدخل السلاح. ليس كبلغاريا وبولونيا وأميركا وفلان دولة الذين نحتاج إلی سنة وأشهر لكي يصل أو لايصل السلاح إليك. لا.. كنا نتفق اليوم ويصلنا السلاح يوم غد. علی مختلف مستويات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وبعض الأسلحة الثقيلة أيضاً. كنا نشتريها اليوم، وتصلنا غداً وتدخل للمعركة مباشرة وإذا كانت تحتاج إلی خبراء يأتون الخبراء معها ويذهبون إلی قواطع الجبهات في القتال مع داعش لإدارة عملية استخدام السلاح أو تدريب المجاهدين والمقاتلين علی السلاح.
هذه هي نقطة القوة التي يجب ألا ننساها للجمهورية الإسلامية ولحاج قاسم سليماني، من أنه مكنوا قواتنا من الدفاع ومواجهة خطر داعش حينما جهزونا بالأسلحة من مخازنهم، وليست من صناعات جديدة.
بوتين أمدنا بـ44 هيلكوبتر متطورة وإيران بمقاتلات سوخوي
وهذه نقطة أيضاً شبيهة لها على سبيل الذكر للأحداث، لما أصبح عندنا خلل في موضوع الطائرات وفي موضوع السلاح وامتنعت أميركا عن إعطائنا السلاح اللازم، أنا ذهبت إلى روسيا وطلبت أسلحة من الرئيس بوتين، فقال لي إن معاملنا متوقفة ونحتاج فترة حتى نصنع لكم طائرات الهيلكوبتر المتطورة، فقلت له: أعطيني طائرات من مخزون الجيش الروسي، وفعلاً أخرجوا 44 طائرة هيلكوبتر متطورة من طراز مي 35 ومي 28 وأرسلها للعراق بالطائرات.
النقطة التي ساعدتنا بها الجمهورية الإسلامية وبتوجيه من سماحة السيد الخامنئي "حفظه الله"، كنا لا نملك طائرات مقاتلة، عندنا طائرات هيلكوبتر واشترينا هيلكوبترات لأخرى، ولكن الطائرات المقاتلة التي تضرب قواعد داعش في الصحراء ما كنا نملكها، فطلبنا من الجمهورية الإسلامية، من خلال الحاج قاسم سليماني بأن أعطونا طائرت سوخوي، باعتبار أن طائرات سوخوي الروسية متدربين عليها، فيما كان السلاح في العراق من نوع ميغ وسوخوي، مباشرة وعلى وجه السرعة، أعطونا 8 طائرات بعدما اشتريناها، وهذه الطائرات كانت جاهزة متكاملة بأدواتها الاحتياطية وأسلحتها وصواريخها، وذهب الطيارون العراقيون وركبوا بها وأتوا بها مباشرة إلى الجبهة لضرب مقرات داعش.
ولولا هذه الطائرات لكان وضعنا صعب، حتى روسيا أعطتنا عدد من طائرات سوخوي بعد تأهيلها ودفعنا بها إلى المعركة.
داعش ولدت في اعتصامات الفلوجة
أعطيكم هذه الصورة عن أن طبيعة المعركة كم كانت قاسية وخطيرة كان معد لها ومعبأة بمختلف أنواع الأسلحة، وكم كانت لها من حواضن داخل العراق والمحافظات التي تواجدت فيها داعش.
داعش لم تكن موجودة، وإنما ولدت في أماكن الاعتصام التي حصلت في الفلوجة، من هناك ولدت، واحتضنت من قبل هذه المناطق وفي مختلف المناطق الغربية كان لها احتضان، وكان لها دعم إلا قليل من العشائر ورؤسائها الذين وقفوا معنا.
كانت القضية صعبة جداً وخطيرة ولكن موقف الجمهورية الإسلامية في تزويدنا بالسلاح والخبراء الذين رافقوه، وايضاً موقف روسيا التي زودتنا بالسلاح، والذي أعاننا على إيقاف داعش.
في البداية كنا نريد ايقاف داعش عن بغداد، وأوقفناهم بالفعل، ومن ثم بدأنا عملية رد الفعل والتحرير ودافعنا عن بغداد، وذهبنا إلى آمرلي وطوزخورماتو، وحصننا سامراء وفتح الطريق إليها.
أنا كنت واعياً لهذه القضية وحذرت منها قبل أكثر من سنة، لما بدأت الأحداث في سوريا، جمعت الإخوة في القيادات، وقلت لهم إإن ريحاً طائفية سوداء ستهب على العراق، وسينحل فيها بعض قطاعات الجيش العراقي، لأن الحرب طائفية، وستسقط بعض المحافظات وعلينا أن ندافع عن العراق العميق، وحددت العراق العميق، فقلت كربلاء وهذا خط بغداد وسامراء، ثم نقاتل في المناطق الغربية الأخرى ونحصنها.
وفعلا تحصنت هذه المناطق ولم تتعرض للاهتزاز، واندفعنا نقاتلهم في المناطق الأخرى التي سيطروا عليها، وقلت لهم نحتاج إلى تعبئة، في مثل هذه الحالات إذا حدثت يجب أن نلجأ إلى الشعب حتى يعوضنا عن الجيش الذي سينحل.
وفعلاً لما حصلت عملية انهيار بالجيش والشرطة، لأنه في لحظة واحدة في الموصل، انسحب 30 ألف شرطي، ولهذا وجهت نداءاً إلى المواطنين وإلى الذين يمتلكون السلاح والخبرة والتجربة بالتوجه إلى الجبهات، وفعلاً أصبحت عملية تعبئة، وقلت لهم إن هذا يشبه التعبئة التي كانت في الجمهورية الإسلامية عندما وقع الهجوم البعثي على الجمهورية الإسلامية وكيف كانت التعبئة التي صدت الهجوم، وساهمت في عملية منع تغلغل القوات العراقية داخل الأراضي الإيرانية.
إشتدت علاقتي مع الحاج قاسم سليماني أكثر في مواجهة داعش
س: أشرتم أنكم كانت تربطكم علاقات خاصة مع الحاج قاسم سليماني منذ فترة طويلة، هل يمكن أن تذكروا لنا إحدى الذكريات التي عشتموها مع الحاج سليماني سواء ذكريات حلوة أو مرة خلال هذه الحرب؟
المالكي: أنا في الحقيقة لم اكن أعرف الحاج سليماني، وكان عندما آخر اجتماع في طهران في يوم 9/4 يوم أسقط تمثال صدام حسين وانتهى حكم حزب البعث، فالتقينا كقيادة حزب الدعوة مع الحاج قاسم سليماني، هو من طلب اللقاء، والتقينا معه، وتعرفت على الحاج سليماني عندها، لأن إقامتي كانت في سوريا وليس في إيران، رغم أني كنت أعيش في إيران لمدة سبع سنوات، وكان لدي معسكر وقوات الشهيد الصدر في أهواز.
وعندما تعرفت على الحاج قاسم سليماني في ذلك اللقاء قررت في نفس اليوم أدخل إلى العراق، لأن صدام سقط، وحاول الجماعة أن يأخروني بمواعيد ولقاءات، فقلت لهم سوف أذهب وانتم التقوا، لأن بغداد الآن سقطت، والهيمنة والقوات الدولية، ولذا بقاؤنا هنا ليس له معنى.
لم يبق سلاح نحتاجه في مواجهة داعش إلا وقدمه سليماني للعراق
وبنفس الليلة خرجت ودخلت إلى العراق، بعدها لم يحدث أي لقاء مع الحاج قاسم سليماني إلا عندما تكلفت برئاسة الوزراء في 2006، فاجتمعنا على لقاء على فطور في بيت السيد عبدالعزيز الحكيم "رحمة الله عليه" وتعرفت على الحاج قاسم سليماني أكثر، ومنها بدأت علاقات طبيعية وعلاقات دولة مع دولة ضمن مشتركات بين العراق والجمهورية الإسلامية، وبيننا والحاج قاسم سليماني بنفسه كانت هناك مشتركات وتاريخ من التعاون والتعامل، وبدأت العلاقات مستمرة ولكن العلاقات اشتدت أكثر في قضية مواجهة داعش.
الحاج قاسم سليماني كان "رحمة الله عليه" مرابطاً في العراق، وإذا أراد الخروج منه فقط ليوم أو يومين ومن ثم يعود إليه، لأنه كان قد جند نفسه وكل إمكانياته لدعم القوات العراقية، حتى عندنا بعض المناطق التي كانت صعبة علينا في جبال حمرين وغيرها، هو جاء بقاعدة للطائرات المسيرة ونصبها بالمنطقة حيث كانت هناك تستطلع وتستشكف.
وإذا تعذر علينا إيصال بعض الأسلحة، فكان هو بطريقته الخاصة عبر الحدود يوصل هذه الأسلحة للمناطق التي تحدث فيها اشتباكات حتى لو كانت مدفعية، وأقولها بصراحة ولست متردداً ولا خائفا، فإن الحاج قاسم سليماني لم يبق وسيلة أو سلاحا نحتاجه في مواجهة داعش إلا وقدمه للعراق.
وكانت الاتفاقات التي أشتري بها السلاح، يأتي الحاج سليماني واتفق معه مباشرة، وكان يقدم لنا السلاح بسعر أرخص من أي دولة من الدول الأخرى التي فيها مبيعات أسلحة.
هذه علاقتي كانت مع الحاج سليماني، طبعاً مثل هكذا علاقات في كذا وضع معقد، وهكذا تشعبات، تتواجد فيها وجهات نظر واختلافات، ولكن كانت طبيعة العلاقة بينه وبيني إضافة إلى العلاقة المسؤولة والعلاقة ذات الطابع الشرعي، هي علاقة ودية وصداقة تكونت، وكان يأتيني إلى البيت دائماً، وكنا أيام داعش نجلس نضع الخريطة على الأرض ونقرر من أين تكون الحركة باعتبار هو كان صاحب خبرة في هذا المجال.
ولحد الآن توجد بعض الخرائط التي توجد عليها إشارات مع الحاج قاسم سليماني، بأنه يجب أن نحرر من هنا، وأن ندخل من هنا، ونحول ما نتفق عليه إلى القطعات الميدانية.
جريمة اغتيال سليماني تجاوز على سيادة العراق
س: وقعت هذه الجريمة على الأراضي العراقية وأدت إلى استشهاد ضيف العراق الحاج قاسم سليماني، برأيكم ما هي المسؤولية التي تقع على عاتق الحكومة العراقية؟ وكيف تعاملت هذه الحكومة مع هذه الجريمة؟ لو كنتم بدلاً من السيد عادل عبد المهدي فكيف كنتم ستتعاملون مع هذه الجريمة؟
المالكي: هذه الجريمة النكراء أولاً تعتبر تجاوزاً على سيادة العراق، وثانياً استهداف ضيف كبير وعزيز على العراق والعراقيين، وثالثاً استخدام اسلوب الاغتيالات يناسب أن تقوم به عصابات، وليس دولة مثل أميركا التي ترفع شعار الحرية والديمقراطية، تقوم بمثل هذا العمل المنكر، لكن على كل حال قاموا به واستنكرنا هذا العمل واستنكر العالم أجمع هذه الخطوة وهذه العملية، ومن الطبيعي جداً أن الجريمة وقعت على أرضنا يجب أن يكون للحكومة العراقية في كشف هذه الجريمة وإحالتها إلى القضاء، وكشف ملابستها، إن كان هناك دور لبعض الأفراد العراقيين أو الجهات العراقية، أو لم يكن.
وإذا كان هناك دور لبعض الدول الاقليمية، ربما قدمت او ساعدت، أو لم يكن، إلى الآن نحن وبصراحة، وهذه يمكن أن تسجل علينا كعراق، لم نقدم توضيحاً كافياً كيف حصلت الجريمة؟ بمعنى عدى الذي حصل أن طائرات مسيرة خرجت من القاعدة الفلانية واستهدفت الرتل أو السيارات التي كان فيها الحاج قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس.
لكن من الذي أعطاهم علماً بان الحاج قاسم سليماني الآن في بغداد؟ ومن الذي أعطاهم علماً بأنه خرج من مطار بغداد؟ هكذا مسألة تحتاج إلى عملية كشف ثم محاسبة، للجهة التي كانت تقف خلف الحادث.
أنا اسمع بأن هناك تحقيق في القضاء، بأنه ربما يعلن عنه قريباً، ولكن هذا قد تأخر كثيراً، المفروض ألا تتأخر مثل هكذا جريمة بشعة، ولكن يبدو أن القضاء قائم بدور هو والمخابرات والأجهزة الامنية.
س: السيد حيدر العبادي قال أنه كانت هناك موافقة عراقية على تحليق الطيران الأميركي في تلك الليلة، باعتباركم رئيساً للوزراء، هل هناك أساساً سيادة عراقية على الأجواء؟ هل هذه الموافقة حصلت بعلم السيد عادل عبد المهدي، الذي لم يكن على علم بها؟ كيف حدثت الأمور؟
المالكي: أنا أناقشها من الناحية المبدئية، إن كان ما يقصده الأخ حيدر العبادي أن الطائرات الأميركية كانت بموافقة عراقية، إذا كان يقصد الموافقة صدرت من أجل أن تأتي الطائرات وتضرب الحاج قاسم سليماني فهذه قضية خطيرة، بمعنى ان الحكومة العراقية متواطئة، غذا كانت الموافقة لضرب الهدف، ولكن أصل الموافقة بدخول الطائرات، فهي يومياً تدخل وتخرج، لأن العراق والحكومة العراقية في زمانه طلبت مساعدة أميركا.
وعندنا طائرات مقاتلة تدخل وطائرات نقل تدخل ودبابات، وقاعدة عين الأسد، فإذا كان الهدف القول بأنها دخلت بموافقة الحكومة العراقية ضمن سياق الاتفاق الموجود مع القيادة الأميركية، فهو طبيعي وليس فيه إشكالاً، ولكن إذا كان الكلام الذي تفضل به، أنها دخلت لتنفيذ المهمة وبعلم الحكومة العراقية، هنا الحكومة العراقية ورئيس الوزراء يتحمل المسؤولية.
س: ألا كان ينبغي على الحكومة العراقية أن تقطع علاقاتها بعد هذا الانتهاك الخطير لسيادة البلد وهذه الضربة؟
المالكي: قطع العلاقات يتعلق بمجموعة من الأمور، فليس سهلا أن نقطع علاقاتنا مع دولة مشتبكيين معها في القضايا والأمور الحتمية والكبيرة وقواتها موجودة على الأرض ولدينا معها علاقات دبلوماسية واتفاقيات.. هذا ليس سهلا.. ولكن قضية التحقيق والإدانة فهذه يجب أن تكون.. فحينما تنتهي باكتشاف الجريمة وتداعياتها ومن كان خلفها ومن ساعد عليها يجب أن تصدر بها قرارات قضائية كما نحن موعودون بمثل هذه القرارات.
س: قبل فترة زار قائد فيلق قدس الإيراني العراق وبغداد والتقى بقيادات سياسية وكذلك قادة المقاومة، هل التقيتموه آنذاك وكيف تلقيتم اللقاء؟
المالكي: نعم زارني وكان الحديث طبيعي ضمن أجواء العلاقات الثنائية، ولم ييكن هناك شيء خارج إطار العلاقات الاعتيادية.
غضب الأميركان عن المالكي طبيعي
س: لماذا الولايات المتحدة الأميركية غاضبة من نوري المالكي؟
المالكي: ماهي ملامح الغضب الأميركي؟ فهي غاضبة على إيران وعلى السيد الخامنئي والسيد حسن نصرالله وبشار الأسد والمالكي وفلان.. هذا ليس له قيمة، طبيعي حينما لا يكون المالكي من النوع الذي يسلم أو يعطي مجالا لخرق سيادة ومصالح العراق.. ألا تقبل ذلك منه أو تغضب عليه. ولكن للعلم ليس كل الإدارة الأميركية غاضبة على المالكي.. فأنا عندي علاقات طبيعية معهم امتدت لسنوات ووقعت معهم اتفاقيات، أما إذا كانوا هم غاضبين فذلك طبيعي لأن مصالحهم لربما تضررت من سياسة المالكي، وعبر عنها الرئيس أوباما في كتاب مذكراته يقول إنني طرحت على المالكي في لقاء أنه ما هو رأيك في أن نبقي عددا من القوات الأميركية في العراق فرد علي من دون تفكير وقال ولا جندي واحد يبقى في العراق.. لربما لا يعجبهم هذا المنطق وبهذه الطريقة.. أو مثلا في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض أنا والرئيس أوباما حين جرى كلام ضد الرئيس بشار الأسد ووجهت له اتهامات كثيرة ودعوات لإسقاطه وإخراجه اعترضت أنا وقلت لا يحق لأحد أن يقول لرئيس دولة أخرى إخرج من بلدك.. فشعبه هو المسؤول.. هذا لا يقوله مسؤولون آخرون وفي لقاء في البيت الأبيض ومع الرئيس.. لربما مثل هكذا مواقف صريحة.. وأعتقد وكما قال لي أحدهم إن المالكي بسياسته قد دمر المشروع الأميركي في المنطقة، فقلت له مثلا ماالذي حدث والذي دمر المشروع.. قال لأنك منعت أن يسقط بشار الأسد، والمشروع كان يبدأ بسقوط بشار الأسد.. وأنت موقفك لما رفضت أقفال الحصار الكامل على سوريا وسمحت للطائرات وللمقاتلين العراقيين أن يذهبوا إلى سوريا كان هذا هو الذي خرب المشروع المعد مسبقا.. ربما هذا ما أزعجهم.. منزعجين من المالكي لأنه خرب مشروعهم.
لا أرغب أن يكون هناك "بيت شيعي" مقابل "بيت سني"
س: السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري دعا إلى ترميم البيت الشيعي.. كيف تتعاملون مع هذه الدعوة؟ وأساسا كيف هي علاقتكم مع التيار؟
المالكي: نحن تجاوزنا مصطلح "البيت الشيعي"، وإنما اتفقنا على تشكيل إطار تنسيقي بين القوى الإسلامية الشيعية، والآن هذا الإطار موجود، وعقدت 5 أو 6 اجتماعات أسبوعية، وهو على مستوى قيادات الأحزاب والقوى السياسية، بما فيها التيار الصدري، وهو يضم كل القيادات الـ7 الشيعية، نجتمع ونتداول القضايا المطروحة في الساحة، ونتقف على ما يمكن نتفق عليه ونترك ما لا نتفق عليه للتداول والحوار والتنضيج، فالأن نواة لهكذا مشروع موجودة وقائمة، ولكن ليست تحت عنوان "البيت الشيعي" لأننا لا نرغب أن يكون هناك بيت شيعي مقابل بيت سني ونعود مرة أخرى للطائفية، لذلك لدينا اعتراض على المصطلح، واتافقنا على أن يكون اسمه الإطار التنسيقي بين القوى الإسلامية الشيعية، وهو مستمر. أنا مع كل دعوة نحو التوحد، بل أنا بادرت وقلت أطلب من الحكومة العراقية ألا تبقي خصومة مع أي دولة في العالم عدا إسرائيل، فليس من مصلحتنا أن تبقى عندنا خصومات، ولكن العلاقات مع هذه الدول يجب أن تقوم على مصلحة العراق أولا، ثانيا أنا قلت إن دولة القانون وحزب الدعوة والمالكي لا يريدون أن تبقى خصومة مع أي جهة من الجهات الوطنية العراقية، كردية سنية شيعية، وأنا أمد يدي لكل من يريد أن ينهي أي خصومة أو خلاف موجود، وهذا الكلام يشمل كل الموجودين في الساحة، وقلت أنا لا أشترط شرطا مسبقا إلا شرط واحد: أن الذي يريد أن يتفق معنا يجب أن يبرهن لنا أنه يحترم الدولة وقوانينها وسيادتها، ما عندي شيء غير هذا ولا اريد منهم شيئا آخر لي شخصيا ولا لحزبي ولا لائتلاف دولة القانون، إنما اريد من يلتقي معي وألتقي معه على قاعدة حفظ الدولة وهيبتها وقانونها، لذلك ارحب بكل دعوة في هذا الإطار، الذي يمكن أن ينتهي إلى تجميد الخلافات.. فالبلد لا يتحمل خلافات أكثر من هذه الموجودة، وأنا ارى أن أهم شيء في مبدأ أو توجه الكتل هو كيف تتحول إلى كتل تحترم الدولة وتؤمن بسيادتها وقانونها، وألا تكون طرفا بديلا عن الدولة في إدارة بعض المفاصل، فالدولة هي المسؤولة، سلاح وجيش وشرطة الدولة هم المسؤولين، وليس هناك مسؤول آخر غير الدولة عن إدارة الأمور، فنحن عون للدولة وسند وإطار لها، في البرلمان نقف إلى جنب الحكومة في تمشية مشاريعها وقراراتها وتسهيل أمورها، ولكن لا نريد ولا نقبل أن يكون أي منا بديل عن الدولة في معالجة القضايا.
س: هل من الممكن ونتيجة هذه اللقاءات أن يعاد إنتاج التحالف الوطني في الانتخابات المقبلة؟
المالكي: من ناحيتنا قلنا أكثر من مرة نرحب وليس لدينا أي مانع بإنتاج تحالف وطني على مستوى واسع يحتوي كل هذه القوى السياسية الموجودة، برلمانيا وحكوميا، نرحب بذلك، ولا نزال، ومن خلال فضائيتكم أوجه هذا الكلام لكل الإخوة الشركاء، إن أرادوا أن يكون بيننا تحالف وطني على مستوى الانتخابات وما بعدها.. كلها نرحب بها، بل ونرحب أكثر بأن يكون بيننا وبين بقية الشركاء الوطنيين تحالف أيضا، مع السنة ومع الكرد، لأنهم شركاء بالنتيجة ويتحملون مسؤولية، نحن نتحمل مسؤولية عنهم وهم يتحملون عنا، وجميعنا نتحمل مسؤولية عن العراق.
الوساطات بيننا وبين التيار الصدري ليست لها صحة
س: خلال فترة ما شاب نوع من الفتور في علاقتكم مع السيد مقتدى الصدر، وكانت هناك وساطات لعودة الدفىء إلى هذه العلاقات، أين وصلت والآن كيف هذه العلاقات؟
المالكي: أنا ما بلغني ولم يأتني شخص يقول أنا وسيط بينكما، وإنما أسمع وأقرأ بالإعلام، ومن ناحية عملية لم يأتنا وسيط يقول أريد ذلك.. لكن من جانبي أنا بنفسي قلت بأنني أرحب وليس عندي مانع أن تكون هناك علاقات ومعالجة لكل الخلفيات، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون، بل أنا قلتها ولربما الآخرون فهموها على أنها وساطات، إنني بنفسي صرحت وقلت أنا أرحب ويداي ممدودة إلى التعاون وإنهاء كل الخلافات، أما كما أسمع بالإعلام بأنه قد توسطت الجهة الفلانية أو الشخص الفلاني.. فهذه ليست لها صحة، لحد الآن.
"دولة القانون" ضد قانون الانتخابات الجديد
س: هناك قانون انتخابات جديد، على ضوء هذا القانون ما هي توقعاتكم حول موقع ائتلاف دولة القانون؟ هل ستتغير موازينه في المستقبل؟
المالكي: أولا أنا ضد هذا القانون الجديد الذي أقر، وقد عارضناه وعطلناه فترة طويلة، لأننا ندرك الآثار التدميرية لهذا القانون على البنية والعملية السياسية، وعلى مستقبل البرلمان، وأنه سوف ينتج برلمانا مفككا، وإجراء انتخابات على دوائر متعددة بدون وجود تعداد عام للسكان ومعرفة الحدود بين الأقضية والمحافظات عمل فيه مخالفات كثيرة، لذلك أنا اثبت كلامي أننا ضد قانون الدوائر المتعددة، لأنه سينتج نتيجة مضرة ومدمرة بالنسبة للعملية السياسية، ولكن بالنتيجة صار التصويت، وبدأنا الآن تحركا وبعد ما اكتشفت المحافظات بأن هذا القانون غير قابل للتنفيذ، مثلا بين مدينة ومدينة واقعات في دائرة واحدة لكن المسافة بين المدينتين 180 كيلومترا، كيف تتم انتخابات بين مدينتين بينهما هذه المسافة أو اقل أو أكثر، صعوبات بدت تبرز وصيحات بدت ترتفع أنه تعالوا لنحدث تعديلات على هذا القانون لأن تطبيقه غير ممكن، ونتائجه غير معروفة، إذا كانت هناك جهات مستفيدة منه لكن العملية السياسية ككل غير مستفيدة، كيف نقيس الانتخابات والنتائج؟ على مستوى الوضع الجماهيري والشعبي.. اليوم دولة القانون في وضع شعبي جماهيري تعاطفي لم يمر على دولة القانون أبدا في كل المراحل السابقة، يوجد تعاطف نتيجة التمييز والقراءة بالفارق بين ما كان في زمان دولة القانون وتحقق من إنجازات وخدمات وإخراج قوات وأمور كثيرة على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني، حيث تطور العراق كثيرا، فالناس بدأت تستذكر هذه العطائات والإنجازات والنتائج التي كانت في زمن دولة القانون، لذلك هناك عودة وتعاطف كبير بدأ يظهر من قبل كل شرائح المجتمع العراقي، وأنا يوميا استقبل الوفود الكثيرة التي أحيانا في اليوم الواحد إلى 12 وفدا.
ليست لدي رغبة بالترشح لرئاسة الوزارء ولكن..
س: في ظل هذا التعاطف هل يمكن أن ترشحون لرئاسة الوزارء؟
المالكي: إسمح لي.. أنا أعتقد أن هذا التعاطف الكبير الذي يكان يكون فريدا بين كل القوى الأخرى، مع احترامنا لكل أشقاءنا وأصدقاءنا حيث كل له جمهوره، لكن أنا في اعتقادي أتحدث عن جمهورنا أنه متميز وكبير ومتسع والحمد لله، سنشترك بالانتخابات، وإن كانت الانتخابات لا تحزر ولكن تقديرنا أن نتائجنا ستكون أفضل من نتائج هذه المرحلة أو الدورة التي نحن فيها، أما قضية رئاسة الوزراء أنا قلت مرارا بأن ليست لدي رغبة، ولكن أنا لن أتوقف يوما عن أداء وتحمل المسؤولية وخدمة العراق والعراقيين إذا اقتضت الأمور وتهيأت الأجواء وطلب مني أن أكون رئيس وزراء.. فسوف أكون. أنا لا أسعى لها ولكن إذا هي سعت لي أنا سأقول أهلا وسهلا لكي أخدم وليس لكي أعيش رئيس وزراء على الطريقة التي يريد أن يكون البعض رئيس وزراء كيفما يكون.
س: هل أنتم مع إجراء الانتخابات المبكرة في الشهر السادس من 2021؟ في البداية كانت هناك تحفظات على هذا الموعد.. هل بالإمكان في ظل الأجواء الموجودة إجراء الانتخابات في هذا الموعد.. وما هوموقفكم؟
المالكي: نحن مع إجراء انتخابات مبكرة، هذا من حيث المبدأ.. منتهين منه، ولكن ومنذ البداية ولأن المفوضية جديدة وكل الموظفين فيها جدد ولأن القانون جديد وصعب تطبيقه.. قلنا إن الموعد الذي حدد في الشهر السادس من العام القادم غير قابل للتحقيق، وفعلا المفوضية قالت لي شخصيا إننا غير قادرين على أن نجري الانتخابات بالشهر السادس، والآن صار الحديث يدور حول الشهر العاشر أو الحادي عشر، وأتمنى ايضا أن نستطيع ذلك في الشهرين الـ10 أو الـ11.. وأنا أخشى أن تذهب الانتخابات إلى سنة 2022.. في موعدها المحدد في الشهر الرابع.. ولكن نحن مع أي تقدم أو تقديم لموعد الانتخابات التي تستطيع أن تحققه المفوضية، فالمفوظية لا تستطيع تحقيق الانتخابات في الشهر السادس.. وهذا انتهينا منه تقريبا.. الآن التوجه نحو الشهر الـ10 أو الـ11.. و إن شاء الله نتمكن إذا وفرت الحكومة الأموال والدعم وإذا أنجزت المفوضية كل المقدمات اللازمة للعملية الانتخابية.. فنحن بصراحة عندما نتحدث لا نريد للمفوضية أن نقول أجرينا الانتخابات وإنما نريد انتخابات في بيئة آمنة حتى نوقف التزوير، لأن المرحلة التي سبقت تم تزوير كبير في الانتخابات.. كما نريد نسبة مشاركة كبيرة، فالانتخابات السابقة ما زادت عدد 19.4% من نسبة المشاركين، وهي نسبة غير مقبولة دوليا، نريد مشاركة 60 بالمئة حتى تستقر العملية السياسية، وكما قلت نريد أمن يحمي صناديق الاقتراع من المزورين، ونريد إلغاء البطاقات الذكية التي يمكن التزوير من خلالها والتصويت مرتين وثلاث وخمسة.. والآن الحمد لله المفوضية استجابت وبدأت بإخراج هويات البايومترية على بصمة العين، لذلك نحن نريد انتخابات ونريدها مبكرة، ولكن نريدها بمواصفات وبنسبة مشاركة عالية، حتى نقول فعلا صارت لدينا انتخابات، لا فيها تزوير كما حدث، ولا فيها نسبة مشاركة ضعيفة جدا، ولا فيها خلل أمني في حماية صناديق الانتخابات.
س: وكيف ستكون الخارطة السياسية برأيكم في ظل هذه الأجواء وقانون الانتخابات الجديد؟
المالكي: الخارطة السياسية لا احد يستطيع الآن أن يقدرها، لأنها انتخابات وتلعب بها عوامل اعدة نازلة كثيرة، لكن الذي هو متفق عليه أن الحكومة المقبلة أيضا سوف تكون حكومة ائتلافية تخضع إلى القانون وإلى دستور الكتلة الأكبر التي تتشكل في البرلمان وليس الكتلة الأكبر التي تفوز في الانتخابات والتي ليس من حقها أن تشكل الحكومة، فالحكومة القادمة برلمانية أيضا، أي ناتجة عن اتفاق نيابي بين مختلف الكتل، وأيضا على ضوئها سيكون اختيار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.
س: يقال إن قانون الانتخابات الجديد سوف يستقطع من حصة المكون الشيعي بعدد من المقاعد تقدر بـ20 مقعدا لصالح باقي المكونات..
المالكي: يقال ونسمع ان بعض الإخوة الذين لديهم خبرة بالحسسابات والتدقيقات يقولون ذلك، والبعض يقول لا وسوف لن يحدث اقتطاع من حصة المكون، فيما البعض يقول 4 أو 5 مقاعد قد تستقطع في بعض المناطق المختلطة، أنا لا أتصور أن يستقطع شيء من حصة المكون الشيعي إلا بعدد محدود ربما.
حزب الدعوة لا يتنازل عن دوره، سواء كنا في الحكم أم لا
س: كيف تنظرون إلى مستقبل حزب الدعوة الإسلامي في ظل الأجواء التي يعيشها العراق، والانقسامات التي تعرض لها هذا الحزب العريق بعد انفصال السيد حيدر العبادي؟ وايضا هل هناك إمكانية لحدوث اندماجات بين ائتلاف دولة القانون مع الفتح أو باقي القوى السياسية؟
المالكي: حزب الدعوة الإسلاميية تغييري، ومن خلال التغيير في المجتمع يتطلع للمشاركة في العملية السياسية، ويعتبر المشاركة فييها استكمالا للدور التغييري للمجتمع، نحن هدفنا الاساس هو أن نوجد مجتمعا صالحا متغيرا، انطلاقا من الآية الكريمة إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فما لم نغير ونصلح مجتمعنا لا نستطيع أن نؤتي بنظام سياسي صالح، ولذلك طالت فترة التغيير بالنسبة لحزب الدعوة منذ تأسيسه على يد الشهيد الصدر إلى سنة 1980، أي أن الحزب يشتغل 27 سنة بشكل سري بإصلاح اجتماعه، وفعلا اسستطعنا أن نصلح وأن نواجه التيارات الفكرية الأخرى الإلحادية وغير الإلحادية، وحققنا نجاحات كبيرة، لا نتنازل عن هذا الدور، سواء كنا في حكومة أو رئاسة وزراء أم لم نكن، فنحن حزب يحرص على أن يغير المجتمع، وإذا لم يتغير المجتمع لا يمكن أن تصلح العملية السياسية، وقد حصل في العراق ما حصل في الآونة الأخيرة من هذه الانتفاضة والقتل والتغريب والاندساس الذي اندس في وسط مجتمعنا، فلو كان المجتمع باق على تماسكه ومتغيرا بالإسلام والفكر الإسلامي لما استطاعت هذه الشخصيات المرتبطة بهذه السفارة أو تلك الدولة أن تحدث هكذا ما يسمونها انتفاضة قامت بالحرق والقتل والسحل وغير ذلك من عمليات التخريب، فهدفنا إصلاح المجتمع، أما أن يكون حزب الدعوة الإسلامية خرج منه فلان فهذا طبيعي جدا، وأي حزب إسلامي أو غير إسلامي تاريخيا يتعرض إلى هكذا نماذج، فممكن أن تحدث وجهة نظر مختلفة عند هذا أو يتعب ذاك من العمل الحزبي أو تحصل مشكلة لآخر مع مسؤول أو نفس الحزب، بالنسبة لنا لا نتشائم أن يخرج من الحزب شخص أو شخصان أو خمسة أو عشرة، طبيعي جدا، لكن الذي يهمنا أن الذي يخرج من حزب الدعوة يبقى داعية، أي أن يبقى يحمل هم الإسلام والعمل، وبذلك نحن نفتخر أن الذين خرجوا من حزب الدعوة لا يزالوا متدينين ولم يتحولوا إلى ناس فاسقين أو غير متدينين، أما كتنظيم وحزب طبيعي جدا ولا يتأثر أن يخرج منه، نعم.. نحرص على أن يكون كل إخواننا معنا، ولكن من يصل إلى مرحلة القرار بأنه لا يستطيع الاستمرار[فنحترم قراره].. وهذه قضية أن يتعب بعض الإخوة من العمل خلال سنة أو سنتين أو خمسة والبعض الآخر قد يكون خلال 40 أو 50 سنة، وننحن الموجودين الآن سنتعب أيضا من العمل، وسنغادره ليأتي بعدنا جيل جديد، الآن نحن نعد هذا الجيل الجديد من الشباب، الذين سيحملون حزب الدعوة، لأننا نريد له أن يبقى مستمرا برسالته، فحزب الدعوة ليس حزبا سلطويا، إن لم تكن لدينا سلطة نغادر الحزب، ومن يفكر بهذه العقلية ليس هو صاحبنا في حزب الدعوة، فهكذا نموذج ليس واعيا وليس فاهما لحزب الدعوة وتأسيسه واستراتيجييته، السلطة عامل مساعد بالنسسبة لنا، ولو فقدناها كليا لا يتغير بالنسبة لنا من أهمية حزب الدعوة وضرورة العمل فيه بإصلاح المجتمع ونشر الفكر الإسلامي ومحاربة الذين يريدون إسقاط الأمة من خلال إسقاط اجيالها.
أداء الحكومة ضعيف وقد ينعكس على قوة الدولة
س: وكيف هي علاقتكم مع السيد مصطفى الكاظمي علما بأن ائتلاف دولة القانون كان متحفظا في البداية..
المالكي: لا زلنا متحفظين، وأصدرنا بيانا وقلنا لا نشارك ولا نصوت ولا نشترك في الحكومة، ولكن في نفس الوقت قلنا إن هذه الحكومة إذا عملت عملا إيجابيا سندعمها وإذا عملت عملا سلبيا سنواجهه، وقبل ايام كان عندي الأخ مصطفى الكاظمي وأيضا صار الكلام وذكرته بأننا أصدرنا بيانا وقلنا لا نشترك معكم ولكن حين تريدون منا أن نكون معكم في قضية من القضايا الإيجابية التي بها مصلحة فلم نقصر في ذلك ووقفنا وقال نعم صحيح، فنحن لسنا متنكرين للدور الذي أخذناه.
س: كيف تقيمون أداء الحكومة بشكل عام وأداء السيد مصطفى الكاظمي؟
المالكي: والله أداؤها ضعيف.. أداء ضعيف.. وضعف الأداء أخشى أن ينعكس على قوة الدولة ومستقبلها، والأداء الضعيف لا أحمله للشخص فقط، وخطأ الذين يقولون إن الدولة الفلانية تتحمل مسؤولية ما حصل في عهد المالكي أو الجعفري أو العبادي أو عادل عبدالمهدي، وإنما كل الشركاء بالعملية السياسية يتحملون المسؤولية، أما أن يكون شريكا بالعملية السياسية وهو يخرب بها.. في النهار يستفيد من إمكانياتها وفي الليل يتحول إلى اؤلئك الذين يمارسون العمل الإرهابي[فهذا غير مقبول].. العملية السياسية بمجملها يجب أن تكون متماسكة وقوية، لكن أنا أرى الآن وبالمجموع الكلي للعملية السياسية أن الوضع ضعيف وخطير، وعلى القوى السياسية أن تتحمل مسؤوليتها في ألا تنهار الدولة، سواء كان اقتصاديا أو أمنيا.
س: حصة حراك تشرين في الانتخابات المقبلة.. هل لديكم تصور حوله؟
المالكي: ليس لهم حصة بصراحة.. أنا لا أقول صفر ولكن لن يحصلوا على شيء يعتد به.
نشعر بخطر من دون الحشد الشعبي
س: هناك ضغوط قوية تمارس على العراق بخصوص الحشد الشعبي.. ضغوط دولية.. كيف يمكن أن يقاوم الحشد الشعبي هذه الضغوط.. والحكومة العراقية أيضا؟
المالكي: الحشد الشعبي هو بذاته يمتلك القدرة على المقاومة، كيف ونحن أيضا نؤيد الحشد الشعبي؟ كيف وأصبح للحشد الشعبي قانون شرع في البرلمان؟ كيف وأصبح الحشد الشعبي يدرك أنه اصبح ركنا أساسيا من أركان العملية الأمنية؟ لذلك مجموعة هذه الخصائص بالحشد الشعبي هي التي تعطيه القوة، وكل الذين يريدون إسقاط الحشد الشعبي سيخسرون، لأننا وأقولها بصراحة إننا نشعر بخطر بدون الحشد الشعبي، الحشد الشعبي لم يستطع فقط أن يسهم في عملية مواجهة داعش وإنما سيكون جاهزا لمواجهة الدواعش الجديدين، نحن نحتمل أن يكون لنا داعش جديد، مثلما يمارسون الآن أعمالا في بعض المناطق، من اختطافات وقتل، لذلك فالحشد الشعبي ضرورة وحينما يكون الشيء ضرورة يكون جميع الذين تهمهم المصلحة الوطنية أن يحفظوا هذه الضرورة.
س: كيف تقيمون الانقسامات التي حدثت؟ من حشد مرجعي و...
المالكي: أنا ما عندي معلومات، ولكن أنا أفهم الحشد على انه حشد، ولكن أن يسمونه بهذا الإسم أو آخر.. فالحشد كله حشد، والحشد أيضا تفاعل مع فتوى المرجعية، والمفروض أن يكون كل الحشد هو حشد المرجعية، لأن كل الحشد استجاب لفتوى المرجع سسماحة آيةالله العظمى السيد السيستاني، فهو الأصل حشد المرجعية، ولا أجد ضرورة للتمييز أن هذا حشد مرجعية وهذا حشد غير مرجعية.
السعودية هي التي كانت ترفض إقامة علاقات معنا
س: المملكة العربيية السعودية تحاول تعزيز حضورها في العراق وأيضا علاقاتها مع الحكومة العراقية.. وربما يتعارض هذا مع توجهات السعودية السابقة التي لم تعترف بالعملية السياسية أساسا منذ 2003.. لماذا هذا التغيير في الأسلوب مع العراق؟ هل هو تكتيك جديد من الحكومة السعودية برعاية أميركية؟ وبشكل عام كيف يمكن أن تقيمون ملف السعودية في العراق؟
المالكي: شخصيا حاولت أن أحسن العلاقات مع السعودية، وأول زيارة قمت بها بعد أن صرت رئيسا للوزراء كانت للسعودية، والتقيت مع الملك ووزير الخارجية، وتحدثت عن ضرورة تجاوز الخلافات السابقة التي ورثناها من النظام السابق، وأن يكون هناك تعاون بيننا على اساس دولتين عربيتين متجاورتيين إسلاميتين، بيننا مصالح وعلاقات مشتركة، ولكن بالحقيقة فشلت، وحاولت جهات أخرى حتى أميركية بإعادة ترتيب وترطيب العلاقة بيننا وبين السعودية وفشلوا، السعودية هي التي كانت ترفض أن تقيم علاقة معنا، بصراحة أقولها كقضية أن جورج بوش قال أنا سوف أذهب إلى السعودية وأتكلم مع الملك لتحسين العلاقة مع العراق، فقلت له لن تستطيع، قال لا أنا عندي علاقة وأستطيع، فحين عاد من السعودية قلت له كلمني عن لقاءك قال لم أستطع أن أعملا شيئا، فالرجل "قافل" في هذا الموضوع ولا يريد إقامة أي علاقة معكم، فسألني وقال لماذا وما هو السبب وراء هذا الموقف فيما أنتم تريدون العلاقة وهو يرفضها؟ قلت له يمكن أن لدينا مشكلة حصلت لنا المسلمين في صدر الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله حيث صار خلاف بأن من هو الخليفة الأول؟ وصار خلاف بين المسلمين وانقسم المسلمون بين من يقول الخليفة الأول هو الذي أوصى به النبي وهو الإمام علي عليه السلام أو من اختارته السقيفة والذي هو أبو بكر.. فهذا الرجل لحد الآن يعيش تلك الأزمة التي حصلت آنذاك، ويريد أن يتعامل على ضوئها، لكن الآن أتت إدارة جديدة وهي تتحدث عن رغبة بالعلاقات الثنائية فنحن نقول أهلا وسهلا، ولكن معيارنا في العلاقة هو مصلحة العراق وأمنه وسيادته، وكل خطوة نخطوها ويخطوها معنا نعيرها بهذا المعيار، أي ما هي مصلحة العراق؟ هل فيها مصلحة؟ أم فيها خطورة؟ هل فيها تحد لسيادتنا؟ هل فيها تجاوز أمني؟ وإن لم تكن بها تجاوز أمني وتحدي اقتصادي وتحدي سيادة.. والله نرحب بالسعودية أن تأتي وتعمل في العراق وتسستثمر.. وأهلا وسهلا بهم، ولكن عليهم أن يعرفوا ألا يكون في حسابات هذا التوجه السعودي اختراق الوضع العراقي والوضع الحكومي، نريدهم أن يحترموا الحكومة العراقية كما نحترم الحكومة السعودية، ونتعاون على أساس المصالح المشتركة بدون التدخل في الشؤون الخاصة السيادية للبلدين.