طهران- وكالة نادي المراسين الشباب للأنباء- ونفذ الجيش الأردني بحضور الملك عبد الله الثاني ومسؤولين سياسيين وعسكريين كبار، مناورات عسكرية تحاكي سيناريوهات التصدي لغزو مفترض للمملكة من الخاصرة الغربية لحدودها مع إسرائيل.
وكشفت مصادر سياسية أردنية قريبة من مطبخ صنع القرار للجزيرة نت أن تلك المناورات التي أطلق عليها "سيوف الكرامة" حملت معها رسائل واضحة لصانع القرار الإسرائيلي، مفادها أن عمّان تتوجس سياسيا وعسكريا من أخطار محتملة.
وأضافت المصادر أن الأردن يرى في غرب النهر تهديدا حقيقيا للأراضي الأردنية، في إشارة إلى إسرائيل وخطواتها الاستفزازية الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بتهديدات ضم غور الأردن من الطرف الفلسطيني واعتبار المملكة وطنا بديلا.
خط أحمر
الرسائل الأردنية جاءت هذه المرة من بوابة الجيش، الذي سعى على الأرجح لتأكيد جملة لا لبس فيها، وهي أن العبث بأمن وأرض المملكة خط أحمر، وفقا للواء المتقاعد من الجيش الأردني مأمون أبو نوار، الذي تحدث للجزيرة نت عن دلالات المناورات الأردنية الأخيرة.
|
الملك الأردني حضر منورات "سيوف الكرامة" (الديوان الملكي الأردني) |
وقال إن المناورات وجدت صدى واسعا في الإعلام الإسرائيلي الذي رأى فيها انسجاما واضحا مع خطاب أردني رسمي وشعبي يحمل نفسا غاضبا تجاه إسرائيل.
واعتبرت صحيفة هآرتس أن تل أبيب تدرك جيدا أن الملك عبد الله يعتمل في صدره الكثير من الغضب إزاء سياسات بنيامين نتنياهو، وقد تصاعد ذلك الغضب منذ إعلانه خطة ضم غور الأردن.
وأضافت أن ذلك سرّع من العمل على تنسيق زيارة للرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إلى عمّان لمحاولة تخفيف حدة التوتر بين البلدين، لكن عمّان لم تذكر أي معلومات عن هذه الزيارة.
وجاءت رسائل تحذير نتنياهو من ضم غور الأردن -من الجانب الفلسطيني- من الداخل الإسرائيلي، حيث أفادت القناة الإسرائيلية 12 بأن مسؤولين أمنيين إسرائيليين حذروا نتنياهو من خطر الإقدام على خطوة ضم وادي الأردن، مما قد يدفع عمّان إلى تجميد معاهدة السلام التي دامت ربع قرن.
حرب غير معلنة
ويقول اللواء أبو نوار إن "إسرائيل تشن اليوم حربا غير معلنة على الأردن"، واصفا السلام بين بلاده والإسرائيليين بالهش.
ويضيف متحدثا عن دلالات المناورات الأردنية الأخيرة أن "العدو الأول للأردن هو إسرائيل، وهذه عقيدة راسخة لدى الجيش الأردني، وعلينا أن نكون مستعدين دائما لأي خطر محتمل منها".
|
العلم الأردني في الباقورة المستعادة من إسرائيل (رويترز-أرشيف) |
وتابع "المملكة اليوم تقول إن الاختلال في موازين القوى بين عمان وتل أبيب لا يعني أنه لن يكون بإمكاننا تبني إستراتيجية دفاعية لمواجهة أي خطر من الطرف الغربي"، معتبرا أن "أي محاولة لتهجير قسري للفلسطينيين واعتبار الأردن وطنا بديلا ستقف لها المملكة بالمرصاد".
وكان الملك الأردني أعلنها صراحة أخيرا في نيويورك بأن علاقات بلاده مع إسرائيل تمر بأسوأ حالاتها على الإطلاق.
ويشعر الأردن بانزعاج كبير حيال السياسات الإسرائيلية، التي يرى فيها خطرا على مصالحه الحيوية وأمنه القومي، لا سيما ما يخص ملفات ثقيلة كالقدس واللاجئين.
وبرأي محللين، فإن إلغاء الملك عبد الله العمل بملحقي الغمر والباقورة أخيرا حمل رسالة واضحة تماما للجانب الإسرائيلي، مفادها أن المعاملة التفضيلية التي كانت لإسرائيل لم تعد موجودة، وأن هذه المعاملة صورة من صور عهد قديم ولّى إلى غير رجعة.
محاكمة إسرائيلي
وعلى وقع التوتر المتصاعد بين عمان وتل أبيب، تتواصل خلف قضبان المحكمة العسكرية الأردنية، وللمرة الأولى، محاكمة مواطن إسرائيلي تسلل قبل نحو شهر إلى داخل الأراضي الأردنية.
وقد وجهت للإسرائيلي كونستانتين كوتوف تهمتي التسلل إلى الأراضي الأردنية بطريقة غير مشروعة وحيازة مواد مخدرة قصد التعاطي.
ويبدو أن توقيف الإسرائيلي وإخضاعه للمحاكمة يأتي في سياق المناكفة السياسية التي بدأت تظهر بشكل جلي بين الأردنيين والإسرائيليين في الفترة الأخيرة، وأن المحاكمة تعكس رؤية أردنية جديدة بأن أي اعتداء إسرائيلي أو عبث بالسيادة الأردنية أو القانون الأردني سيخضع لتعامل صارم، وهو ما بات يسمع صراحة في عمّان.
ويجزم أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن البراري بأن العلاقات بين عمان وتل أبيب اليوم ليست كسابق عهدها.
|
الملك الأردني خلال زيارة للغمر المستعادة من إسرائيل (الأناضول-أرشيف) |
ويقول للجزيرة نت "على إسرائيل الإدراك جيدا أن علاقتها مع الأردن لن تتقدم بمعزل عن تطورات القضية الفلسطينية".
ويضيف أن "محاكمة مواطن إسرائيلي داخل الأراضي الأردنية تحمل رسالة واضحة بأن لا حصانة لإسرائيلي في الأردن بعد اليوم، وأن أي اعتداء أو عبث إسرائيلي في السيادة الأردنية سيخضع لحساب أردني".
خطوات تصعيدية
وبرأي البراري، فإن عمّان "تستخدم الخطوات التصعيدية من أجل ممارسة الضغط على إسرائيل لإعادة ترتيب أوراقها معها من جديد".
وخلص للقول "المؤكد أن الكيل قد طفح مع عمّان، وأن العلاقة بين الطرفين مرشحة للتصعيد، فمشكلة الأردن ليست فقط مع سياسات نتنياهو، وإنما مع المجتمع الإسرائيلي كله بسبب انزياحه الخطير إلى اليمين المتطرف".
ورغم تدهور العلاقات السياسية بين عمّان وتل أبيب، يبقى السؤال المطروح اليوم هل ستؤثر هذه الرياح العاتية التي تعصف بعلاقات البلدين على ملفات اقتصادية وأمنية مهمة، كالتنسيق الأمني بين الجانبين واتفاقية "الغاز الإسرائيلي المسروق من الفلسطينيين" كما يسميه الشارع الرافض للاتفاقية في عمّان؟
وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس أعلن في تصريحات لصحيفة هآرتس أن تدفق الغاز من حقل "ليفياثان" سيبدأ في غضون أسبوعين تمهيدا لتصديره للأردن ومصر.