نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتب توم غاردنر، يقول فيه إن الإثيوبيين في السعودية يواجهون الضرب والرصاص، في وقت زادت فيه حملة الترحيل السعودية.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء-ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الشرطة السعودية عندما اعتقلت طيب محمد على الحدود الجنوبية، وضعت كل ما يملكه على الأرض وحرقته.
ويفيد غاردنر بأن المهاجر غير الشرعي كان يحاول عبور الحدود من اليمن، بعد رحلة خمسة أيام في الأدغال، وقال في مقابلة معه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: "طلبوا مني خلع ملابسي.. أخذوا مني كل شيء، هاتفي وملابسي ونقودي وأشعلوا فيها النيران أمامي".
وتذكر الصحيفة أن طيب يعد واحدا من حوالي 10 آلاف إثيوبي يرحلون كل شهر من السعودية منذ عام 2017، حيث شددت السلطات حملتها لترحيل المهاجرين غير المسجلين، مشيرة إلى أن حوالي 300 ألف مهاجر عادوا منذ آذار/ مارس من ذلك العام، بحسب الأرقام الأخيرة لمنظمة الهجرة الدولية، وعادوا في طائرات مزدحمة كل أسبوع إلى مطار أديس أبابا.
ويلفت التقرير إلى أن عدد المهاجرين الإثيوبيين في السعودية قبل بداية الحملة غير معلوم، إلا أن هناك إحصائيات تقدر عددهم بحوالي نصف مليون مهاجر يعملون عادة في المهن اليدوية، وبأجور قليلة في مواقع البناء والخدمة المنزلية، مشيرا إلى أن معظمهم يصلون من خلال البحر الأحمر، في رحلة تأخذهم من جيبوتي إلى اليمن، الذي يعيش حربا أهلية، ومع ذلك يستقبل مهاجرين غير شرعيين أكثر مما يستقبل البحر المتوسط.
ويقول الكاتب إنه مع ذلك فإن لا أحد ينتبه إلى الأعداد المتزايدة التي تفر من الفقر والبطالة في بلادها، مشيرا إلى أنه تم ترحيل مئات الآلاف من الإثيوبيين في عملية فوضوية عامي 2013 و2014، إلا أن الأعداد أكثر في هذه المرة، لكن لم ينتبه أحد لهذا الأمر.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في منظمة "هيومان رايتس ووتش" آدم كوغل، قوله: "نظم السعوديون آلة الترحيل الآن".
وينوه التقرير إلى أن الأشخاص الذين رحلوا، مثل طيب، يعودون خاوين الوفاض، ولديهم قصص عن الانتهاكات على يد الشرطة السعودية وحراس السجن، فيما عاد عدد منهم في وضع صحي بائس وماتوا بعد فترة قصيرة من وصولهم إلى مطار أديس أبابا، مشيرا إلى أن بعضهم وصل وعليه آثار طلقات رصاص لم يتم علاجها.
ويقول غاردنر إن السعودية تعد واحدة من الدول القليلة التي لم تصادق على معاهدات معاملة المهاجرين في مراكز الاحتجاز، مشيرا إلى أنه بحسب مشروع الاحتجاز الدولي، ومقره جنيف، فإن الخط الفاصل بين احتجاز المهاجرين وسجن المجرمين غير واضح.
وتؤكد الصحيفة أنه لا توجد رقابة مستقلة على ممارسات الاعتقال، مشيرة إلى أن آخر زيارة للسجون قامت بها منظمة حقوقية مستقلة هي تلك التي نظمتها "هيومان رايتس ووتش" في عام 2006.
ويورد التقرير نقلا عن كوغل، قول إن هناك 10 مراكز احتجاز، بما في ذلك سجون يتم استخدامها لاحتجاز المهاجرين داخل السعودية، لكن العدد الحقيقي لها غير واضح، مشيرا إلى قول عامل إغاثة: "تتم معاملتهم في هذه السجون كالحيوانات".
ويشير الكاتب إلى أن وزارة الإعلام السعودية نفت هذه المزاعم، وينقل عن مسؤول سعودي قوله: "لا يتم ترحيل أي مريض إلا بعد معالجته وتعافيه.. لا يتم ترحيل أي مذنب بالقوة"، وأضاف المسؤول: "الترتيبات المتعلقة بالحالات المرضية والعناية بالأطفال والمذنبين كلها تتم من خلال التنسيق مع البعثات الدبلوماسية التابعة لدولهم".
وتنقل الصحيفة عن طيب، قوله إن أول مركز اعتقال قضى فيه خمسة أيام، ولم يحصل على طعام أو ماء في أول 24 ساعة من اعتقاله، وعندما بدأ هو وغيره بالشكوى أخذ بعضهم خارج المعتقل وضربوا، وعندما جاء الطعام لم يكن سوى ستة صحون تشاركوا فيها بينهم.
وقال طيب للصحيفة إن الضرب كان أمرا شائعا، "وكانوا يضربونك دون أن تقول أو تفعل شيئا، ولا نعرف السبب، وكانوا يوجهون لنا اللكمات وعندما كانوا يتعبون يركلوننا، وكان الأمر مثل الرياضة".
وأخبر السجناء السابقون "الغارديان" قصصا مشابهة، كما أخبر آخرون قصصهم لمنظمة "هيومان رايتس ووتش".
وبحسب التقرير، فإن معتقل الداير في منطقة جيزان، جنوب السعودية، يعد الأشهر من ناحية السمعة السيئة، وقال كوغل: "سمعت عن أسوأ ظروف الاعتقال فيه".
ويفيد غاردنر بأن "المعتقلين السابقين ذكروا حالات يتم فيها حدوث انتهاكات، مثل تقييد المحتجزين مع بعضهم، والاعتقال في زنازين الحمامات التي تفيض بالأوساخ، وإجبار المعتقلين على الجلوس على البراز والبول، فيما كان الطعام يرمى من نوافذ الزنازين، ويتقاتل السجناء للحصول على الفتات، وتم منع المسلمين من الصلاة، وتمزيق الصلبان التي يرتديها السجناء المسيحيون، وهذا كله إلى جانب عدم توفر المياه الصحية أو النظافة".
وتورد الصحيفة نقلا عن المعتقل السابق عبد الرحمن سفيان، قوله إن الحراس مشوا على ظهره، ونادوه وغيره من المحتجزين بالكلاب والحيوانات، مشيرة إلى أنه مثل طيب، تمت مصادرة ممتلكاته و"لم يبق لدينا شيء".
ويلفت التقرير إلى أن السلطات السعودية متهمة باحتجاز وترحيل القاصرين، رغم توقيع الحكومة السعودية ومصادقتها على معاهدات حقوق الطفل، التي تشترط عدم احتجاز الأطفال بناء على وضعيتهم بصفتهم مهاجرين.
وينقل الكاتب عن مدير مكتب "أطباء بلا حدود" في إثيوبيا، محمد مرشد، قوله: "يعد الأطفال من بين الآلاف الذين يصلون كل أسبوع من السعودية، ونحن قلقون بشأنهم؛ لأنهم بحاجة لحماية خاصة ومساعدة اجتماعية".
وتقول الصحيفة إن وزارة الإعلام السعودية نفت المزاعم، وقالت: "لم يتم ترحيل الأطفال إلا إذا كانوا مع آبائهم، ولا يتعرض الأطفال لأي عقوبة.. يتم الحفاظ على الأطفال الذين لا يعرف آباؤهم في مرافق مراكز رعاية مع الأطفال السعوديين"، مشيرة إلى أن أرقام منظمة الهجرة الدولية تظهر أن نسبة 6% من الذين عادوا منذ آذار/ مارس 2017 هم من القاصرين.
وتقول "الغارديان" إنها تحدثت مع مرحلين الذين قالا إنهما في عمر الـ 15 عاما، مع أن الوثيقة التي منحت لهما من السعودية تقول إنهما بالغان، مشيرة إلى قول عامل إغاثة إن إثيوبيا، التي تقاربت مع السعودية بعد زيارة رئيس وزرائها آبي أحمد إلى السعودية، في أول جولة خارجية له، "لا تريد إثارة الموضوع مع السعوديين".
ويورد التقرير نقلا عن برهانو أبيرا، من وزارة العمالة الخارجية الإثيوبية، قوله إن بلاده تقوم بالتواصل مع المؤسسات المعنية في السعودية "لحماية واحترام كرامة وحقوق وأمن مواطنينا".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومة الإثيوبية تحدثت بدفء عن السعودية التي وفرت النقل للمرحلين من أبنائها.
انتهی/