نشرت مجلة "وايرد" الأمريكية، في نسختها البريطانية، تقريرا تحدثت فيه عن ازدياد شعبية الجنازات الإلكترونية في عالمنا الحديث، خاصة في ظل تطور التكنولوجيا الرقمية.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -وتتمثل هذه الجنازات، في محو جميع بيانات الشخص المعني الموجودة على الإنترنت، حتى لا تستخدم بعد وفاته.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه حين يتوفاك الأجل سيتحلل جسمك ببطء أو تُرسل جثتك إلى محرقة، لكن ما هو مصير تلك الجثة الرقمية المزعجة؟ ستكون هذه البيانات بمثابة روح عالقة في البرزخ الإلكتروني، لن تحظى بالخلاص أبدا ما لم تحرّرها بالتأكيد.
وذكرت المجلة أن كل ما عليك القيام به هو تنظيم جنازة إلكترونية. وفي ظل التغييرات الأخيرة المتعلقة بالقوانين التي تحمي خصوصية الأفراد في كل من أوروبا وكوريا الجنوبية، أضحى لدينا الآن نفوذ أكثر من أي وقت مضى على معلوماتنا الشخصية، تتجاوز حدود القبر، كما باتت الجنازات الإلكترونية تدريجيا خيارًا ناجعا وقابلاً للتطبيق. ولكن لماذا قد ترغب في حجز موعد مع متعهد دفن عبر الإنترنت؟
وبينت المجلة أنه باستطاعة أي طرف، الاهتمام بالشؤون المادية الخاصة بالشخص المتوفى، إلا أن مصير إرثه الرقمي يبقى منسيا.
وقد تساعد الجنازة الإلكترونية، على إلغاء المقالات أو المدونات الخاصة بالعميل، أو التأكد من أن حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي محمية.
وأشارت المجلة إلى أن الصعوبة تكمن في الاتصال بمحركات البحث وشركات الإعلام التي تنشر المعلومات الشخصية، ودعوتها لمحوها عندما يُتوفى أحد حرفائها.
وفي الواقع، تعتبر شركة "سانتا كروز" في سيول، واحدة من أولى الشركات التي تتولى مهمة مراسم الدفن الرقمي، إذ أصبحت اليوم متخصصة في محو البيانات الشخصية من الإنترنت لحرفائها سواء الذين توفوا أو أولئك الذين مازالوا على قيد الحياة، كما تعمل أيضا على "تحسين السمعة" لمن تعرضوا للجرائم الإباحية.
ونقلت المجلة عن الرئيس التنفيذي "لسانتا كروز"، كيم هو جين، أن الشركة "لا تستخدم أي برنامج (لمحو البيانات)، وعوضا عن ذلك تبحث عن مقالات أو أي نوع من المنشورات، وتطلب من كل شركة أن تحذفها بموجب النموذج الموحّد أو العقد أو قانون الجرائم الجنسية"، بيد أنه من الصعب محو جميع البيانات. ويدّعي كيم أن الشركة تمكنت من حذف معلومات حرفائها بنسبة 98 بالمئة.
وأوردت المجلة أن وجود متعهدي الدفن الرقميين لا يقتصر على كوريا الجنوبية، إذ تساعد الشركة البريطانية "ديجيتال أوكس"، التي تأسست سنة 2017، العملاء المتوفين أو عائلاتهم على محو جميع بياناتهم الخاصة.
وقد أوضح الرئيس التنفيذي للشركة، آرون يونغ، أنه "في حال رفض محرك البحث إزالة المحتوى المعني بالأمر، فإن الخطوة التالية تتمثل في تسليم الأمر إلى مكتب مفوضية المعلومات، وفي حال عدم نجاح هذا الأمر فإن الخطوة الأخيرة تتمثل في تعيين محامٍ لتولي القضية".
وبينت المجلة أنه على الرغم من أن الشركات الرقمية لا تقدم أي توابيت أو خدمات تزيين باهظة التكلفة، إلا أنه لا يزال يتعين على العميل إنفاق مبلغ لا بأس به للتخلص من معلوماته الشخصية.
وتمتلك بعض المنظمات الأخرى حلولا إبداعية للتخلص من البيانات بعد وفاتنا، على غرار شركة "فرود" التي لها مقر ضمن "سومرست هاوس ستوديوز" في لندن، والتي تعمل على مشاريع التحنيط الرقمي المتمثلة في جمع الأجهزة التي تحتوي على المعلومات الشخصية للعميل وتخزينها.
وفي حين أن هذا الأمر لا يحل مشكلة الوجود الرقمي للأشخاص على مواقع الإنترنت، فإن عملية "فرود" تجعل الأقراص الصلبة أو الفلاشات غير قابلة للاستخدام من خلال تغطيتها بمادة الراتنج.
ونقلت المجلة عن المؤسسة المشاركة في "فرود"، أودري سامسون، أن "جنازات البيانات الرقمية هي استراتيجية فنية لمناقشة سياسة المحو وحق العميل في أن يغدو منسيا.
وتتمثل العملية في مزج مركبين من الراتنج ووضع الفلاشات في قوالب من السليكون، ثم تغطيتها بتلك المادة". وبعد مرور 15 دقيقة، تجف مادة الراتنج، وتحبس البيانات الشخصية داخل الجهاز.
وذكرت المجلة أنه في سنة 2009، قدمت شركة "غوغل" خاصية "إحياء الذكرى" بينما أضافت في سنة 2015 خاصية اختيار "وصي" ليمحو حساب الشخص بعد وفاته، إلا أن هاتين الخاصيتين قد حركتا حملة نقد حول إساءة استعمال هذه السلطة.
وفي سنة 2014، أطلقت شركة "ياهو" اليابانية خدمة "إنهاء ياهو" التي تتكفل بمحو حسابك الإلكتروني في حال وفاتك، كما تبعث رسالة على البريد الإلكتروني لكل معارفك لتعلمهم بالخبر، وتمحو الصور والمستندات من الدرايف الخاص بك، بالإضافة إلى إلغاء الاشتراكات. ولكن هذه الخدمة ستلغى في آذار/ مارس 2019 بسبب عدم شعبيتها.
وفي الختام، أفادت المجلة بأننا عندما نعيش معظم حياتنا على مواقع الإنترنت، بين التغريدات وحساباتنا على مواقع التعارف ومعلوماتنا الطبية، فإن طريقة التخلص من تلك البيانات الشخصية تكتسي أهمية كبرى، وتصبح أهم حتى مما يحصل في الواقع لجسدنا. وفي حين تتحلل الجثة بمرور الوقت، فإن إرثنا الرقمي يمكن أن يظل للأبد.
انتهی/