طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وإن أصغر خلل يُصيب أصغر جزء في الجسم كفيل بترك بصمة تؤثر على وظيفة حيوية، أو حركة، أو توازن. فجسمك يتألف من 11 جهازا رئيسيا، والذي كان يُعتقد أن عدد أعضائه 78 عضوا قبل اكتشاف العضو التاسع والسبعين الذي كان من نصيب الجهاز الهضمي! كل هذه الأجهزة والأعضاء لا تتوازن إلا بمساعدة قنوات أذنك الداخلية، فمن كان يعتقد أن استقامة مشية الإنسان وتوازن حركته يرتبط ارتباطا وثيقا بأذنه!
هذا صحيح، فالأجهزة بما تحويه من أعضاء تُشكّل شبكة متسلسلة مع بعضها البعض داخل الجسم، وأصغر خلل في جهاز ما قد يتسلل ليُتلف وظيفة في جهاز آخر. وبالحديث عن أصغر الأعضاء التي تؤثر على وظائف عدة في الجسم، فنحن في ذات المجال نتحدث عن الغدة الدرقية. الفراشة الصغيرة التي تتمركز في عنقك أمام القصبة الهوائية والمسؤولة عن إفراز هرمون الثيروكسين وثلاثي يود الثيرونين، والتي تؤثر باضطراب وظيفتها بشكل مباشر على: القلب، التبلد العقلي، المشاكل النفسية، اضطراب معوي، تورمات في العنق، نبض ضعيف، تؤخر الحمل، كما تؤثر على المرأة الحامل ويمكن أن تتسبب بموت الجنين داخل الرحم. ولكن أكثر ما يُشاع عن الغدة الدرقية هو ارتباطها بالوزن، وهذا صحيح، ولكن بترتيب تنازلي من الأكثر أهمية حتى الأقل، فيبدو أن الوزن هو أقل المشاكل أهمية!
عداوة بين الغدة الدرقية والحمل!
أحد الارتباطات التي يجب تسليط الضوء عليها أكثر من مشكلة الوزن هي مشكلة تأخر الحمل. هنالك تأثيرات تتعلق باضطراب إفراز هرمونات الغدة الدرقية والحمل، كما أنها تؤثر على الحامل والمرضع والجنين في رحم أمه. يُعد خمول الغدة الدرقية هو الأكثر انتشارا بين السيدات عموما، حوامل كانوا أو خارج دائرة الحمل، ولكن هل من الممكن أن يكون خلل الغدة الدرقية سببا واضحا لتأخر الحمل؟ نعم، فالغدة الدرقية لها دور مهم في تنظيم الدورة الشهرية وعملية التبويض، وبالتالي ما يتصل بحدوث الحمل. فأي خلل في الغدة يؤثر مباشرة على انتظام الدورة الشهرية أو تأخرها وبالتالي تأخر الحمل.
أما بالنسبة لخمول الغدة الدرقية أثناء الحمل، فإن كانت الحامل تعتمد علاجا؛ فلا مشكلة من الاستمرار في أخذ العلاج خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى. فالجنين تتكون عنده الغدة الدرقية بعد شهره الثالث، ويكون اعتماده الكلي لاكتساب هذه الهرمونات هو من الأم. فإن كانت الأم تُعاني نقصا في هذه الهرمونات -نتيجة خمول الغدة- فهذا بالتالي يؤدي إلى نقص هذا الهرمون أيضا للجنين، وهذا يؤثر على قواه العقلية في المستقبل، ونقص في نمو جهازه العصبي، وحصول تشوه في عظامه، وموت الجنين داخل الرحم في بعض الأحيان!
أما بالنسبة للأم الحامل نفسها، فإن خمول الغدة أثناء الحمل -دون علاج- يؤدي إلى:
* فقر الدم.
* تمزق المشيمة.
* حدوث نزيف بعد الولادة.
وعلى الرغم من أن اضطرابات الغدة الدرقية قد تصيب السيدات في منتصف العمر وكبار السن، فإن هناك احتمالات أيضا لأن تصيب الرُضّع، من العلامات التي تكون واضحة على حديثي الولادة:
* اصفرار الجلد وبياض العين (اليرقان) لفترة طويلة.
* لسان كبير وبارز.
* صعوبة في التنفس.
* فتق في السرة.
* اتساع محيط الرأس.
* أطراف باردة.
واستكمالا لما سبق، قد تتساءل المُرضع عن وضع الرضاعة أو حتى أمان حليبها على الطفل، حيث إن كل العلاجات التي تأخذها الأم تنتقل للرضيع أثناء عملية الرضاعة. إن الطريقة الوحيدة والآمنة للتأكد من سلامة اعتماد أي دواء أثناء الرضاعة هي مناقشة هذا الأمر مع طبيبك، فإنه يُنظر عموما إلى أن العقاقير المستخدمة لعلاج خمول الغدة الدرقية أو فرط نشاطها لا مشكلة بها ويمكن أن يتم تناولها -أثناء فترة الرضاعة- عند استخدامها وفقا للتوجيهات، والتي قد تتضمن بعض التعديلات وفقا لحالتك الخاصة. ابتداء من نوع مرض الغدة الدرقية لديك، والأدوية المحددة التي يمكنك استخدامها، وانتهاء بالجرعة المسموحة لك والتي لا تؤثر على الأم أو الرضيع.
خمول الغدة الدرقية
إن مشاكل الغدة الدرقية تنقسم إلى ثلاث مشاكل رئيسية: خمول الغدة الدرقية، فرط نشاطها، تضخمها. وترتبط كل حالة ارتباطا بديهيا بكمية الهرمونات التي تُفرزها الغدة. وأي نقص أو زيادة في إفراز هذه الهرمونات من شأنه أن يؤثر على عدة محاور مهمة في جسم الإنسان. فخمول الغدة الدرقية يعني قلة إفرازها للهرمونات بالمعدل الطبيعي والذي يحتاج إليه الجسم. وبالطبع، كأي اضطراب غير مرئي يحدث داخل الجسم، فإن الجسم يحاول إخبارنا بذلك خارجيا. ولكن يبدو أن الكشف عن مشكلة الغدة الدرقية قد لا يكون واضحا في البداية، لذا يُنصح بالفحوصات الدورية حتى ولو لم يشك الشخص من شيء. وربما زيادة الوزن هي مفتاح باب الشك الذي يُساور الشخص حيال الغدة الدرقية والذي يدفعه لإجراء كامل الفحوصات، ولكن إلى جانب ذلك فيُحتمل أن تشعر بـ: الإعياء، زيادة الحساسية تجاه البرد، الإمساك، جفاف الجلد، انتفاخات في الوجه، بحة في الصوت، ضعف العضلات، ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، آلام وتصلبات في المفاصل، عدم انتظام الدورة الشهرية، تساقط الشعر، تباطؤ معدل ضربات القلب، الاكتئاب، وضعف الذاكرة.
إن خمول الغدة الدرقية -أو قصور الغدة الدرقية- يحدث نتيجة لعدة أسباب، السبب الأكثر شيوعا هو التهاب الغدة الدرقية نفسها وهي حالة من أمراض المناعة الذاتية، حيث يقوم الجسم بتصنيع أجسام مضادة تدمر أجزاء من الغدة الدرقية. ويمكن أن يكون الخمول بسبب استئصال جراحي أو كمضاعفات جانبية من بعض الأدوية التي تحتوي على (الأميودارون والليثيوم). ومن الأسباب الأخرى التي ينتج عنها الخمول هي مشاكل في الغدة النخامية، أو نقص اليود (حيث يؤثر على ما يقرب من ملياري شخص حول العالم)! كما أن بعض الأطفال يولدون بقصور في الغدة الدرقية وهو ما يسمى خمول الغدة الدرقية الخُلقي.
فرط نشاط الغدة الدرقية
على عكس خمول الغدة الدرقية، فإن فرط نشاطها يعني إفرازها لهرمون الثيروكسين بمعدل أعلى من الطبيعي، وبالطبع فإن العلامات تبدو واضحة على الجسم مثل: خفقان للقلب بشكل متسارع وغير طبيعي، ارتفاع في معدلات ضغط الدم، الشعور بالغضب المستمر، ارتفاع درجة حرارة الجسم والتعرق باستمرار، رعشة في اليدين، الشعور بالأرق، زيادة الشهية يرافقه فقدان ملحوظ في الوزن، النوم المتقطع، الإسهال، انتفاخات حول العين مع زيادة في الدموع وحساسية تجاه الضوء، هشاشة العظام وتوقف الدورة الشهرية.
هنالك أسباب مختلفة تقف وراء الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية، منها الأكثر شيوعا وهو مرض جريفز (Graves) وهو اضطراب في جهاز المناعة ويمكن أن يؤثر على أي شخص، إلا أنه أكثر شيوعا بين النساء وقبل سن الأربعين. وهناك شكل آخر من أشكال فرط نشاط الغدة الدرقية يسمى الغدة الدودية العقيدية السامة أو الورم الحميد للغدة الدرقية. هي من الأورام الغدية بحيث تنتج باستمرار هرمونات الغدة الدرقية حتى عندما لا تكون هناك حاجة إليها. سبب آخر محتمل لفرط نشاط الغدة الدرقية هو حالة تسمى التهاب الغدة الدرقية.
تضخم الغدة الدرقية
هو تشوه في الغدة الدرقية يزيد من حجمها بحيث تبدو ظاهرة على العنق، لا يكون التورم مؤلما ولكنه يتسبب بمشاكل أخرى مثل: صعوبة في البلع، الشعور بتورم في الحلق، وفي الحالات القصوى فإنه يُحدث تغيرا في الصوت أو شلل في الأحبال الصوتية. كان السبب الرئيسي والأكثر شيوعا للإصابة بتضخم الغدة الدرقية هو انخفاض مستوى اليود في النظام الغذائي للفرد. حيث سجلت الولايات المتحدة أعدادا ضخمة في الإصابة حتى أصبح ملح الطعام المدعم باليود متوفرا على موائد الطعام مما أدى إلى انخفاض معدلات الإصابة!
سرطان الغدة الدرقية
يحدث بسبب تغير خلايا الغدة الدرقية أو تحولها، تبدأ الخلايا غير الطبيعية بالتكاثر في الغدة الدرقية وعندما تصل لعدد معين فإنها بذلك تُشكل ورما. الخبر الجيد أنه إذا تم اكتشاف سرطان الغدة الدرقية مبكرا فهو من أحد أكثر السرطانات القابلة للعلاج. ينقسم سرطان الغدة الدرقية إلى عدة أنواع:
* سرطان الغدة الدرقية الحليمي: يُشكل 80% من الإصابات بسرطان الغدة الدرقية، ينتشر في كثير من الأحيان إلى العقد الحورية في رقبتك. ومع ذلك، لديك فرصة جيدة للتعافي الكامل.
* سرطان الغدة الدرقية الجريبي: يشكل ما يصل 10-15% من جميع سرطانات الغدة الدرقية في الولايات المتحدة. يمكن أن ينتشر في الغدد الليمفاوية الخاصة بك وأيضا من المرجح أن ينتشر في الأوعية الدموية.
* سرطان الغدة الدرقية النخاعي: يشكل نحو 4% من جميع حالات سرطانات الغدة الدرقية. من المرجح أن يتم العثور عليه في مرحلة مبكرة لأنه ينتج هرمونا يسمى الكالسيتونين، والذي يراقبه الأطباء في نتائج فحص الدم.
*سرطان الغدة الدرقية التشنجي: هو النوع الأكثر شدة، لأنه عدواني في الانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم. هو نادر الحدوث وصعب في العلاج.
انتهی/