يقف لبنان على مفترق حساس على الصعد كافة، السياسية، والأمنية، والاقتصادية، بينما يُثار الجدل حول علاقة رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس حكومته المكلف سعد الحريري في ظل بروز مؤشرات عن نوايا الرئاسة الأولى عزل الحريري عبر إيجاد مخرج دستوري.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وعلى الرغم من أن عون أكد أن الشراكة بين الرئاستين مستمرة نحو تأليف الحكومة وأن الطروحات للحل قادمة، غير أن تصريحات قادة الطرفين توحي بأنّ الأزمة مجمدة لكنّها قائمة بانتظار فرج أو ربما صدام سياسي، فيما لم يستبعد ساسة أن يتحول التصادم لو حصل إلى تنافر طائفي خصوصا إذا أخذت قوى 8 آذار زمام إبعاد الحريري عن الرئاسة الثالثة.
"خامل وضعيف"
و أقرّ عضو تكتل لبنان القوي الموالي لرئيس الجمهورية، النائب زياد أسود، "بالأزمة المتعلقة بالسياسة اللبنانية وجوهر النظام وما يرتبط بها من عوامل داخلية وخارجية"، موضحا في تصريحات لـ"عربي21" أنّ "الخيارات السياسية اللبنانية تقع تحت تأثير التحالفات الإقليمية مع الداخل، ما يجعلها مكبلة وغير طليقة ومنبثقة أو مفروضة خارجيا".
ورأى أن "الأزمة الحكومية جزء من هذه المعضلة ويتضح ذلك من خلال الصراع على تقاسم الحصص فيها بناء على مقاعد وزارية ترسم خارطة التحالفات في البرلمان"، معتبرا أنّ الدستور اللبناني يعاني من ثغرات من خلال عدم تضمنه للمهل الدستورية للتوقيع على المراسيم (منها مرسوم تأليف الحكومة)، كما أنّ الدستور بنصّه أبطل حضور الموالاة والمعارضة كما هو معمول في الأنظمة الديمقراطية، بما يعني أنّ كلّ من في المجلس النيابي يجب أن يتمثل في الحكومة وهذا خيار غير مألوف وليس شائعا في الحياة السياسية، وخطورته تكمن بأنه يلغي المعارضة ومحاسبة الحكومة أيا كان لونها".
وتابع أسود انتقاده، قائلا: "عملية تأليف الحكومة حاليا لا تتم بناء على اختيارات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بل يترك خيار التسميات للأحزاب فيما يبقى للرئيسين القبول بما يُرفع إليهم من أسماء الوزراء، وبالتالي فإنّ من يؤلف الحكومة هم الأحزاب والقوى السياسية".
وأشار أسود إلى بروز أزمة في عمل الوزراء بفعل انتمائهم الحزبي "حيث تصبح كل وزارة تبعا للطرف السياسي الذي ينتمي إليه الوزير، ما يعطّل عملية تنقية الوزارات والخيارات".
وعن دور رئيس الجمهورية في إصلاح الوضع القائم بناء على وعوده وبرنامجه السياسي، قال أسود: "رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف (اتفاق أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989 وبموجبه منحت صلاحيات أوسع لرئيس الحكومة) مقيّد الصلاحيات، فهو لا يختار الوزراء ولا يمكنه إقالتهم ولا لديه سلطة على مجلس النواب، ولذلك يبقى الحلّ مرتبطا بالتوافق الوطني على محاسبة الفاسد وإصلاح الوضع الراهن"، مشدّدا على أنّ أهمية انتخاب العماد عون رئيسا للبلاد لكونه كشف الكثير من عورات النظام السياسي وملفات كانت مطويّة سابقا بخصوص الممارسات السياسية في البلاد".
ولفت أسود إلى أن عون "ورث تركة ثقيلة وليس من دوره الدستوري إحداث معالجات في التركيبة القائمة"، وعن ما يدور بخصوص دراسة خيار استبدال تسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة رغم صعوبة هذا التوجه دستوريا، أكد أنّ "ثمة مسؤوليات كبيرة تقع على الرئيس الحريري"، واصفا أداءه مع الأزمة الحكومية "بالخامل والضعيف وقال إنّه لا يبادر إلى إيجاد حلول ومخارج، كما أنّه يتعاطى مع مسألة التأليف بصورة طبيعية من دون الأخذ بالاعتبار مرور البلد في مسار حساس وصعب".
وشدّد على أن "تجاوز الرئيس الحريري للمهل الدستورية يحمّله وزر هذا التأخير وتبعاته"، لكنّه أشار إلى أن "عون لا يمارس ضغطا على أحد بل يحاول دفع الأمور كي يستشعر كل مسؤول واجباته".
من هم المعطلون؟
وينفي تيار المستقبل تحميل الحريري لمسؤولية التأخير والتعطيل، وأعرب عضو كتلة المستقبل النائب محمد قرعاوي عن ثقة تياره بمبادرة رئيس الجمهورية و"تواصله مع الأطراف كافة لإيجاد مخرج للعقد القائمة، خصوصا أنّ الرئيس الحريري وضع أسسا لتشكيل الحكومة عنوانها الوحدة الوطنية التي تجمع كل الأطراف"، مشيرا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنّ العراقيل الأخيرة مصدرها "مطالب مصطنعة عبر المطالبة بتمثيل مجموعة من النواب ينتمون إلى كتل عدّة في الوقت الذي كانت فيه التشكيلة الحكومية جاهزة للإعلان عنها".
وبيّن أن "الحريري يمتلك صلاحيات تمنحه حقّ رفض تمثلهم في الحكومة"، آملا أن تصل المشاورات إلى خواتيمها الإيجابية سريعا "عبر اقتراحات عقلانية شريطة عدم إعادة الأمور إلى المربع الأول".
وعن تلويح قيادات من 8 آذار بخيار تنحية الحريري عن مهمة التكليف، قال قرعاوي: "لا مصلحة للرئيس الحريري في عرقلة تأليف الحكومة لا بل هو طامح لتشكيلها على أن تكون ضمن المحددات والمواصفات الموضوعة لعملية التأليف، علما بأنّ صلاحياته تنصّ على اختيار الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية".
وأوضح: "نعارض إيجاد أعراف جديدة في عملية التأليف، على غرار ما تم تعويمه من قبل حزب الله خلال الخطوة الأخيرة قبل إعلان الحكومة وذلك بالمطالبة بتوزير سنة 8 آذار"، منتقدا الطروحات التي تنسب إلى عون ومنها ما صرح به نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لجهة التوجه إلى "تشكيل حكومة أكثرية ما يدفع الأزمة إلى مزيد من التعطيل".
وتساءل قرعاوي عن الغايات من طرح قضايا جدليّة ومن ضمنها تعديل الطائف وإحداث مؤتمر تأسيسي للبنان وغيرها، في الوقت الذي "يبدو فيه الرئيس الحريري الوحيد الحريص على إنقاذ البلاد، وهو الذي شارك بمؤتمرات ثلاثة في العواصم بروكسل و روما و باريس، بهدف دفع الدعم المالي إلى لبنان تمهيدا للحكومة المقبلة".
وحمّل قرعاوي قوى 8 آذار مسؤولية "تردي الأوضاع لا سيما الاقتصادية وحالة الانكماش التي يمرّ بها لبنان"، محذرا من خطورة الانعكاسات المباشرة على المواطنين لجهة "عدم قدرة الدولة في حال طال أمد عرقلة التأليف على دفع الرواتب إلى الموظفين الرسميين"، متابعا: "هناك تقاطع بين ما يمارسونه في لبنان مع مصالح جهات خارجية".
ووصف علاقة الحريري مع عون بالمقبولة "خصوصا بعد اللقاء الأخير بينهما وما تم إيضاحه لجهة الرسالة التي دار الحديث عن نية رئيس الجمهورية توجيهها إلى مجلس النواب (تطالب المجلس بإيجاد مخرج للأزمة، والتي فُسرت بأنّها محاولة دستورية لسحب التكليف من الحريري)"، مؤكدا أنّ "المضي في هذه الرسالة يعني إدخال البلاد في أزمة سياسية و طائفية أعمق وأكبر من مسألة تأخر تشكيل الحكومة".
انتهی/