نشر موقع "ساينتفيك أمريكان" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن إحياء بعض العلماء لأعظم نظريات آينشتاين على الإطلاق، نظرية النسبية، واعتمادها لإجراء دراسات معمقة حول الظواهر الكونية والمجرات والأجرام السماوية الأخرى لامتلاك نظرة أعمق عن الفضاء.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن عالم الفيزياء الفلكية توم كوليت سعى منذ ثلاث سنوات إلى اختبار النظرية النسبية الخاصة بآينشتاين، التي تقدم عدة تفسيرات وتوقعات لكيفية تحرك الأجرام في الكون على النطاق الأوسع الذي يتجاوز الكون المرئي. ويبحث كوليت عن كيفية انبثاق الجاذبية من الهندسة الأساسية للزمان والمكان، أو ما يعرف بالزمكان، فضلا عن تأثير جاذبية المجرات ودورها في تحديد المسافات التي تفصلها عن بعضها البعض.
وأضاف الموقع أن معادلات العالم الفيزيائي الأشهر على الإطلاق، ألبرت آينشتاين، ساهمت في تطوير مجموعة من التطبيقات في العالم الحقيقي مثل الأقمار الصناعية وغيرها من الابتكارات التي تجعل الملاحة الدقيقة والمعاملات المالية السريعة أمرا ممكنا. وتعمل هذه المعادلة على تفسير العديد من الظواهر الكونية الشاذة، على غرار مدار كوكب عطارد الغريب، وتوقع ظواهر أخرى مثل الأمواج الثقالية التي تحدث انحرافات على مستوى الزمكان.
وأشار الموقع إلى أن العلم لطالما اعتبر نظرية النسبية من المسلمات، حيث لم يعمد علماء العصر الحديث إلى دراستها بشكل مكثف ومحاولة كشف مواطن الخلل فيها. وخلافا لما سبق، بين كوليت، الباحث في جامعة بورتسموث في المملكة المتحدة، أنه من المستحسن أن نقوم بمراجعة نظرية آينشتاين والتأكد من كونها صحيحة بنسبة 100 بالمئة، نظرا لأنها تعتبر حجر أساس تفسيراتنا للبيانات الكونية والفلكية.
وأورد الموقع أن الدكتور كوليت قاد بحثا موسعا سنة 2015 لإلقاء نظرة أعمق على نظرية النسبية من خلال تطبيق تعليماتها واستنتاجاتها على الكون، عوضا عن الدراسات السابقة التي اقتصرت على دراسة هذه النظرية على مستوى مجرة درب التبانة فقط. وتوصل الباحثون إلى أنه يمكن لهذه النظرية أن تصمد عند دراستها على نطاق أوسع، وقد تم نشر جذاذة هذه الأبحاث في 21 حزيران/ يونيو الجاري في دورية ساينس العلمية الأمريكية.
وبين الموقع أن هذه النظرية تعاني من أوجه قصور، حيث أشار آينشتاين إلى بعض الظواهر بصفة سطحية ولم يتعمق في وصف تفاصيلها، على غرار تفسيره للأمور التي تحدث داخل الثقوب السوداء، أو تصوره للحظات الأولى بعد حدوث الانفجار العظيم. ويمكن ملاحظة بعض النواحي غير المكتملة حول المعلومات التي قدمها العالم الألماني حول المادة السوداء، وفكرته التي تقول إن الكون مغمور بهذه المادة التي تتفاعل مع المادة الطبيعية من خلال الجاذبية فقط.
وأوضح الموقع أن كوليت ومساعديه درسوا مجرتين قريبتين من درب التبانة، ليتبين أن الجزء الأكبر من المجرة التي تقبع في المقدمة يحجب النسيج الزمكاني المحيط بالمجرة الثانية، مكونة ما يعرف بعدسة الجاذبية، التي تشوه الضوء الصادر عن المجرات البعيدة عنها. ولضمان الحصول على نتائج أفضل، قام العلماء بقياس تشوهات الجاذبية على نحو دقيق، لحساب مقدار الكتلة التي يجب أن تحتويها المجرة الأبعد بناءً على القواعد التي وضعها آينشتاين في نظريته النسبية.
ونقل الموقع عن كوليت أنه يمكن التحقق من احتساب كتلة المجرات المجاورة عن طريق مراقبة حركة النجوم في المجرة التي تقبع في المقدمة، وهو ما يسمح بقياس الكتلة على نحو مستقل. وعلى الرغم من تعرف العلماء على المئات من عدسات الجاذبية الخاصة بالمجرات الأخرى، إلا أن عددا قليلا منها فقط قريب لدرجة تسمح برؤية النجوم التي تحتوي عليها بشكل واضح. وعلى بعد 450 مليون سنة ضوئية فقط، وهو ما يعتبر مسافة قريبة طبقا للمعايير الفلكية، تمثل هذه المجرة مرشحا مثاليا لمثل هذه الأبحاث.
وأشار الموقع إلى ضخامة العتاد الذي استوجبته عملية الرصد العملاقة التي قام بها كوليت والباحثون المساعدون، حيث استخدموا تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا، والمقاريب الأربعة العظيمة التي يشرف المرصد الأوروبي الجنوبي على تشغيلها. وخلال بحثهم، عمد العلماء إلى مقارنة بيانات كتلة المجرة الأمامية التي تم احتسابها بواسطة مقراب هابل، مع المعلومات الصادرة عن المقاريب العظيمة، التي تم التوصل إليها من خلال مراقبة سرعة تحرك النجوم على أطراف المجرتين، ليجدوا أن البيانات متطابقة بنسبة 91 بالمائة.
وأورد الخبير في المفعول العدسي التثاقلي في جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، توماس تري، أن جميع العلماء المعاصرين عاجزون عن نقض النظرية الثورية غير المكتملة التي بدأها آينشتاين سنة 1915. وقال عالم الفيزياء الفلكية إن "الجميع يسعون إلى إثبات أن آينشتاين كان مخطئاً، لأنه لا وجود لطريقة أفضل لتحقيق الشهرة".
وفي الختام، أكد الموقع أن كوليت يقود سباق العلماء الراغبين في تحقيق الشهرة، حيث سبق له أن أعرب عن أمله في أن تكون نتائج أبحاثه مختلفة عن التوقعات التي حددتها النسبية العامة، مؤكدا أنه سيسعى لمتابعة هذه الأبحاث من خلال قياس عدسة جاذبية مجرات أكثر بعدا عن الأرض، في محاولة منه لاختبار نظرية آينشتاين من جديد.
انتهی/