اعتبر خبيران سياسيان لبنانيان، إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته من منصبه، السبت، بمثابة "المفاجأة غير المتوقعة"، وحذرا من السيناريوهات "الصعبة" التي تنتظرها البلاد على المستوى السياسي إذا مضى الرجل قدما في استقالته.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وفي وقت سابق اليوم، أعلن الحريري استقالته في خطاب متلفز من السعودية التي وصلها، الجمعة، وأرجع الاستقالة إلى مساعي إيران "خطف لبنان"، وفرض "الوصاية" عليه، بعد تمكن "حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحه".
فيما أعلن رئيس لبنان ميشال عون، في بيان عن مكتبه الاعلامي، إن "الحريري أبلغه باستقالته هاتفياً"، مشيرا إلى أنه ينتظر عودة الحريري إلى بيروت "للاطلاع منه على ظروف الاستقالة ليبنى على الشيء مقتضاه".
وجاءت الاستقالة بعد يوم واحد من لقاء الحريري أمس في بيروت، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي.
كما تأتي أيضا، بعد أيام من رفض الحريري تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني، التي ألمح فيها إلى تأثير طهران على القرار اللبناني.
وقبل أيام، اعتبر روحاني، في كلمة متلفزة، أن "مكانة إيران في المنطقة اليوم أكبر من أي وقت مضى"، متسائلا: "هل من الممكن اتخاذ قرار حاسم في العراق وسوريا ولبنان وشمال إفريقيا والخليج، من دون أخذ الموقف الإيراني في الاعتبار؟".
ورد الحريري آنذاك على تلك التصريحات قائلا: "قول روحاني أن لا قرار يتخذ في لبنان دون إيران قول مرفوض ومردود لأصحابه، ولبنان دولة مستقلة لا تقبل الوصاية".
رئيس حركة التغيير بلبنان، والمحلل السياسي إيلي محفوض (معارض لحزب الله)، حذر من السيناريوهات الصعبة التي يمكن أن تشهدها لبنان عقب استقالة روحاني، وقال إن "تسمية شخصية سنيّة لتشكيل حكومة جديدة ستكون مخاض عسير".
وفي حديثه للأناضول، أضاف أنه "لن تتمكن أية شخصية من قبول تسميتها في مثل هذه الظروف والتعقيدات التي تعصف بلبنان والمنطقة".
وتولى الحريري مهام منصبه في ديسمبر/كانون أول 2016، في إطار تسوية بين مختلف التيارات لإخراج البلاد من أزمتها السياسية التي استمرت سنوات.
وجاء تعيينه، عقب انتخاب عون رئيسا للبلاد، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعد نحو عامين ونصف العام من شغور منصب الرئيس جراء انقسامات سياسية حادة حول ملفات عدة داخلية وخارجية، على رأسها الحرب في سوريا المجاورة التي يشارك فيها حزب الله إلى جيش النظام السوري.
واعتبر محفوض أن "الحريري ضاق ذرعًا من سلوك حزب الله وجماعاته (الموالين له) داخل الحكومة وخارجها ووصل إلى مرحلة لم يعد أمامه سبيلاً إلّا الاستقالة".
ووفق رئيس حركة التغيير، فإن الحريري بتلك الخطوة "يكون قد أنقذ لبنان من براثن الحرس الثوري الإيراني الذي يسعى لتحويل لبنان إلى ساحة خصبة تنطلق منه عملياته الإرهابية تجاه الدول العربية".
وقال: "ذاهبون نحو تطورات غير كلاسيكية لا بل دراماتيكية ستحمل معها متغيرات كثيرة".
وأوضح أن "زمن هيمنة حزب الله على القرارات اللبنانية انتهى، وسندخل في مخاض عسير، لكن بنهاية المطاف لن يصح إلا الصحيح".
وفيما يتعلق بعودة الحريري إلى لبنان، قال محفوض: "أغلب الظن أن الحريري لن يعود قريبا إلى لبنان، وقد يبدأ بجولة ولقاءات دولية لنقل الموقف اللبناني الحر".
في المقابل، قال الصحفي والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير (مقرب من حزب الله) للأناضول، إن "قرار الرئيس الحريري مفاجئ، وواضح أنه تحت الضغط".
وأضاف للأناضول: "لا معلومات لدي، لكن الواضح أن ما قام به الحريري لم يكن بأوضاع مريحة"، معتبرا أن "ما حصل مؤشر لقرار سعودي بتصعيد الوضع في لبنان والمنطقة".
وحسب قصير، فإن "ما حصل يفتح الباب أمام ضغوط اقتصادية وسياسية وأمنية تواجهها لبنان، وهذا قرار سعودي".
وقال: "أعتقد أن هناك ضغطا سعوديا ليقلبوا الطاولة على سوريا وروسيا وإيران".
وأضاف: "دستورياً، يجب أن يدعو رئيس الجمهورية لاستشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة"، لكن "يجب انتظار خطوات الفرقاء السياسيين لمعرفة ما سيحصل".
وتسببت الاستقالة، في تراشق بالتصريحات بين الرياض وطهران، ففي تغريدة له عبر "تويتر"، قال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان: "أيدي الغدر والعدوان يجب أن تبتر"، في تأكيد على تصريح مشابه ورد في خطاب استقالة الحريري، ضد إيران وحزب الله.
والثلاثاء الماضي، التقى الحريري والسبهان في الرياض، بعد يومين من تصريحات للأخير، أعرب فيها عن "استغرابه" إزاء "صمت الحكومة اللبنانية تجاه ممارسات حزب الله".
في المقابل، اعتبر مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام، السبت، أن الاستقالة "جاءت بترتيب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أجل توتير الوضع في لبنان والمنطقة".
يشار أن الحريري شغل منصب رئيس الوزراء سابقًا بين عامي 2009 و2011، ويقود حزب تيار المستقبل منذ عام 2005، خلفًا لوالده الراحل رفيق الحريري، الذي اغتيل في تفجير بالعاصمة اللبنانية.
المصىر: الأناضول
انتهی/