ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ثمة قناعة لدى الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية بأن فرصة توقيع اتفاقية سلام شاملة بين العرب و”إسرائيل” باتت أقرب من أي وقت مضى.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي ترامب أكد خلال جولته الأخيرة في الشرق الأوسط على أن “هناك مستوى جديد من الشراكة يلوح في الأفق، وهو مستوى سيعزز الأمن والسلام في المنطقة، ويحقق الرخاء للعالم أجمع”.
تظل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي العقبة الأكبر أمام أية اتفاقية محتملة، إذ إنها ما تزال تحظى باهتمام العواصم العربية، لكن ترامب لم يخطئ فيما قاله، فبعيداً عن أعين الإعلام، تجد “إسرائيل” نفسها منخرطة بشدة في الحروب العربية المشتعلة حالياً.
تشير الصحيفة إلى أن أوضح مثال على السعي لإنشاء شرق أوسط جديد يمكن رؤيته في سوريا. كان ترامب قد أفشى للروس أسراراً تخص قيام الاستخبارات الإسرائيلية بجمع معلومات دقيقة عن تنظيم “الدولة الإسلامية”. فقد أشارت تقارير إلى تمكن الاستخبارات العبرية من اختراق شبكة حواسيب خبراء تصنيع المتفجرات التابعين للتنظيم في سوريا. وقد تحدثت صحيفة هآرتز الإسرائيلية عن وجود تعاون استخباري وأمني وثيق بين “إسرائيل” والأردن في جنوب سوريا للتصدي للنفوذ الإيراني المتمدد في تلك الرقعة من الأرض.
ويؤكد التقرير أن التعاون بين الأردن و”إسرائيل” يعود إلى عام 1970، حيث حرصت السياسة الإسرائيلية دوماً على استقرار المملكة الأردنية. وشمل التعاون العسكري بينهما شحن مروحيات كوبرا إلى الأردن في 2015. ومع ذلك، فإن الأردن لا تشارك في التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا في سوريا. ويبقى السؤال الأبرز هو هل “إسرائيل” منخرطة في هذا التحالف أم لا.
لكن الدور الذي تلعبه “إسرائيل” على حدودها مع الأردن واضح لكل ذي عينين، بحسب وصف التقرير. فقد تحدثت تقارير حديثة عن قيام “إسرائيل” بإنشاء منطقة عازلة على الجهة السورية من مرتفعات الجولان. وقد خصصت تل أبيب وحدة عسكرية منفصلة مهمتها إدخال المساعدات الإنسانية، وتأمين علاج بعض الجرحى السوريين – ويشمل ذلك المتمردين – في المستشفيات الإسرائيلية.
كان أحد قادة المتمردين قد زعم لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنهم تلقوا أموالاً من “إسرائيل” لسداد الرواتب وشراء العتاد العسكري. وينوه التقرير إلى أن سياسة “حسن الجوار” – كما تسميها “إسرائيل” – تهدف إلى إقناع السوريين في تلك المنطقة بعدم التعاون مع إيران وحزب الله.
ينتقل التقرير للحديث عن العلاقة بين مصر و”إسرائيل”، فيؤكد على أن تل أبيب تمد يد العون إلى القاهرة في حربها المستعرة ضد التمرد المسلح في سيناء، الذي يقوده موالون ل“تنظيم الدولة”. وفي هذا الملف أيضاً، يتحاشى المسؤولون الإسرائيليون التحدث عن حجم التعاون، وتُمنع وسائل الإعلام المحلية من الحديث في الأمر، لكن التنسيق العسكري والاستخباري بين الجارتين من المسلمات. فنقلاً عن شبكة بلومبيرج، قال مسؤول إسرائيلي بارز إن الطائرات الإسرائيلية المسيرة تقوم بقصف أهداف داخل سيناء بموافقة المصريين.
وفي الداخل الإسرائيلي، يؤكد التقرير على التعاون الأمني الوثيق بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية. وقد بات هذا التعاون محور العلاقة بين الجانبين وربما يكون أحد أوجه النجاح في عملية السلام. ويؤكد معد التقرير أن المسئولين الأمنيين من الجانبين يتواصلون بصفة يومية لبحث الأوضاع الأمنية. وتأتي حركة حماس على رأس قائمة المستهدفين من هذا التعاون. كانت “إسرائيل” قد أحبطت محاولة اغتيال دبرتها حماس في 2014 ضد محمود عباس.
ويرى التقرير أن التعاون بين “إسرائيل” والدول الثلاث سالفة الذكر لا يشكل مفاجأة لأن ثمة اتفاقات سلام موقعة بين هذه الدول وتل أبيب. ولكن ما لا يلحظه الكثيرون هو توطد العلاقات بين “إسرائيل” ودول الخليج (الفارسي)، وفي مقدمتها السعودية والإمارات. غالباً ما يحصر المسؤولون الإسرائيليون هذه العلاقة في المصالح الأمنية والاستخبارية المشتركة المتمثلة في مواجهة التهديد الإيراني.
وقد تحدثت تقارير عن لقاءات بين مسئولين استخباريين إسرائيليين ونظرائهم الخليجيين، إذ يُقال أن رئيس الموساد السابق مئير داغان قد سافر إلى السعودية سراً في 2010 لبحث الملف النووي الإيراني. وجمعت لقاءات علنية بين مسئولين سعوديين سابقين ونظرائهم الإسرائيليين في واشنطن وميونخ وحتى تل أبيب. كما توطدت العلاقات التجارية بين الجانبين في السنوات الأخيرة، وقد تمثل ذلك في بيع “إسرائيل” – عبر وسيط – منتجات زراعية وتكنولوجيات الاستخبارات والأمن القومي إلى دول الخليج (الفارسي).
وعند النظر إلى الصورة بأكملها – يضيف التقرير – يمكن رؤية أن أنشطة تل أبيب في الدول سالفة الذكر مرتبطة جميعاً ببعضها البعض، بل إن “إسرائيل” طرف في التحالف العسكري العربي ضد إيران ووكلائها، وتنظيم “الدولة الإسلامية”. ولا يسعنا سوى الانتظار لرؤية إن كان ذلك مجرد تحالف مؤقت ضد أعداء مشتركين أم بداية واقع استراتيجي جديد.
ويشير التقرير في ختامه إلى أن هذا التحالف سيستمر لبعض الوقت على الأرجح؛ لأنه لا يوجد مؤشر على انحسار الحروب في المنطقة في المستقبل القريب، ولكن على الأقل لم تعد دول المنطقة تنظر إلى “إسرائيل” بوصفها عدواً. ولهذا حث ترامب الدول العربية على الاعتراف بالدور المحوري ل“إسرائيل” في المنطقة.
ولكن مع بقاء عملية السلام مكانها، فليس من المرجح أن يحدث تطبيع كامل ينهي الصراع في المنطقة. لكن التعاون الحالي سيساعد في كسب الحروب الحالية؛ مما سيدفع باتجاه اتفاقية سلام شاملة في الشرق الأوسط.
* شفقنا - نيويورك تايمز