متى تنتهي الحرب على غزّة؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۸۷۰۹
تأريخ النشر:  ۱۸:۴۶  - الخميس  ۱۶  ‫مایو‬  ۲۰۲۴ 
لم يبقَ أمام الرأسمالية من وسيلة لترسيخ هيمنتها على العالم إلا القوة الغاشمة التي تمتلكها، فأفلتتها من عقالها لترتكب المجازر بحق الشعوب المقهورة في العراق وسوريا وليبيا واليمن، ونشرت قواعدها العسكرية في كل مكان يمكن أن تصل إليه.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباءسؤال يتردد كثيراً على القنوات الإعلامية، ومن خلال المقالات الصحفية التي تتناول العدوان الصهيوني على غزّة. تختلف الآراء والتحليلات لكنها في معظم الحالات تبدأ من الولايات المتحدة الأميركية وتنتهي بها، بصفتها الداعم الرئيس عسكرياً وسياسياً للكيان الصهيوني.

تراجعت فكرة عجز الكيان عن الدفاع عن نفسه منفرداً، لتعود إلى الواجهة الفكرة التقليدية أن "إسرائيل" هي التي تتحكم بالسياسة الخارجية الأميركية في منطقتنا.

تبرز هنا فكرة تقسيم السياسة الأميركية إلى مستويين: عسكري داعم للكيان الصهيوني من دون ضوابط، وسياسي متردد يحاول كبح جماح العدوانية الوحشية لـ "إسرائيل"، وبشكل خاص الحكومة الفاشية التي يرأسها الإرهابي بنيامين نتنياهو.

هذا الفصل بين الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، ليس سوى فصل تعسفي. الحقيقة التي أثبتتها عملية "طوفان الأقصى" هي أننا أمام مشروع استعماري واحد، حتى وإن بدت الأمور وكأن الفرع يمتلك استقلالاً عن المركز، لكن الواقع يقول إن هذا المشروع الاستعماري الرأسمالي كل لا يتجزأ، لكنه يتوزع الأدوار بين مراكزه بما يحقق مصالحه الاقتصادية والسياسية على حساب الشعوب المقهورة.

إذا سلّمنا بهذه الحقيقة، عندها نستطيع تتبّع الأزمة التي يعيشها النظام الرأسمالي والتي بدأت مع مطلع الألفية الثالثة، ومرت بمحطتين أساسيتين، غزو العراق عام 2003، والانهيار المالي عام 2008.

في العراق، تحطّمت صورة الانتصار العسكري الذي تحقق باحتلال العراق بظهور مقاومة عراقية ضارية كبّدت العدو خسائر فادحة، وكذلك صورة الانتصار الأخلاقي بهزيمة الديكتاتورية عندما كشفت وسائل الإعلام والتحقيقات صور المجازر التي ارتكبها الجيش الأميركي والشركات الخاصة الأميركية، وخاصة ما حدث في سجن أبو غريب وفي معتقل غوانتانامو. 

وأخيراً، سقطت صورة الانتصار السياسي ببروز قوى إقليمية فرضت مصالحها على التحالف الغربي، وقد تصدّرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذه القوى، وأثبتت مرة بعد مرة أنها لاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه. 

جاءت الأزمة المالية عام 2008 لتحطم صورة انتصار الاقتصاد الرأسمالي، التي روجّها المركز الاستعماري بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وإعلان فوكوياما نهاية التاريخ. توالت الأزمات وانهارت جنّة الرأسماليين على حساب شعوب دولهم، وفي الوقت نفسه، ازداد تركز رأس المال في يد حفنة من كبار الرأسماليين. عبّرت شعوب المركز الرأسمالي عن غضبها من المصير التي آلت إليه بلدانها من خلال تحركات واسعة مثل "احتلوا وول ستريت" و "السترات الصفراء" ما عمّق الأزمات الأخلاقية والاقتصادية التي يعيشها المركز الرأسمالي.

لم يبقَ أمام الرأسمالية من وسيلة لترسيخ هيمنتها على العالم إلا القوة الغاشمة التي تمتلكها، فأفلتتها من عقالها لترتكب المجازر بحق الشعوب المقهورة في العراق وسوريا وليبيا واليمن، ونشرت قواعدها العسكرية في كل مكان يمكن أن تصل إليه. لم يترك حجم الخراب الذي خلّفته جيوش "الناتو" وحلفاؤه في العالم من سبيل أمام الشعوب سوى الثورة والتمرد على السيد الرأسمالي. 

في هذا السياق، أتت معركة "طوفان الأقصى" كجزء صميم من الثورة العالمية على الاحتلال والقهر الذي تقوده الرأسمالية. فهي وإن كانت حرباً وطنية هدفها تحرير فلسطين بيد أنها من جهة أخرى تمثل تنامي الوعي الوطني الفلسطيني والعربي ليتجاوز حدود قضيته المحلية نحو آفاق الثورة العالمية. من هنا، يأتي الحراك العالمي المناصر لقضية فلسطين بصفتها قضية تحرر وطني "من النهر إلى البحر فلسطين حرة"، وليس بصفتها قضية إنسانية فقط. لقد شكلت صور المجازر التي صدمت العالم الالتواء العَرَضي للأحداث فنقلتها من الزاوية الإنسانية، إلى الفضاء الكوني. 

الحرب لن تنتهي بوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى، قد يكون ذلك نهاية الجولة الحالية من الصراع، لكن الحرب مستمرة وستكون هناك جولات جديدة.

علينا أن ندرك تماماً أن القانون الدولي المزعوم ليس سوى أداة رأسمالية تسلطها مؤسسات المركز الرأسمالي الدولية لفرض شروطها على الشعوب المقهورة لصالح مشروع النهب الرأسمالي. كما تفرض علينا طبيعة المعركة وموقف الدول الغربية منها إعادة تعريف النظام الرأسمالي وموقفنا منه، واختيار مسارات اقتصادية وسياسية واجتماعية تناقض الهيمنة الغربية على دولنا. 

إن القوى الوطنية الثورية الحيّة مطالبة بالانفتاح على الوعي الكوني لضرورة الثورة، ومغادرة الآفاق المحلية لقضايانا والاندماج في الثورة العالمية. لقد أصبح التواصل مع القوى الثورية في العالم بما في ذلك القوى الصاعدة في العالم الغربي ضرورة قصوى، بهدف تشكيل جبهة عالمية مناهضة للرأسمالية، وأن تكون علاقة هذه القوى على قدم المساواة بعيداً من الشكل التاريخي القائم على التبعية.

اليوم، يتصدّر محور المقاومة الجبهة المناهضة للرأسمالية، ويسطّر بطولات سيخلّدها التاريخ الثوري، ومن موقع الصدارة هذا لا بد أن نمدّ يدنا إلى العالم، لنرسّخ جبهتنا، ونعظّم تأثيرها، عندها... وعندها فقط ستتوقّف الحرب على غزّة، وسوف يسجّل التاريخ انتصار الشعوب المقهورة على إمبراطورية الشر العالمية. 

انتهی/

الكلمات الرئيسة
رأیکم