العلاقات الصينية السورية ما بعد الأسد

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۹۶۱۴
تأريخ النشر:  ۲۳:۵۶  - الثلاثاء  ۱۷  ‫دیسمبر‬  ۲۰۲۴ 
ترى بكين أنّ انهيار النظام في سوريا قد يسمح بإعادة ظهور الجماعات المتطرّفة والإرهابية ومن شأن ذلك أن يؤثّر على المناطق المجاورة لسوريا، ويهدّد الأمن في المنطقة ككل والمصالح الصينية فيها.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباءعندما زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي سوريا، بعد فوز الرئيس السابق بشار الأسد بولاية رئاسية رابعة عام 2021، دعا المسؤول الصيني إلى التخلّي عن وهم تغيير النظام في دمشق.

 والعام الماضي استقبلت الصين الرئيس الأسد وزوجته بحفاوة حيث توجّها إلى مدينة هانغتشو الصينية على متن طائرة تابعة لشركة طيران الصين. وخلال رحلته التقى الرئيس الأسد بالرئيس الصيني شي جين بينغ وتمّ الاتفاق على رفع العلاقات بين البلدين إلى شراكة استراتيجية.

لطالما أعلنت الصين دعمها للنظام السوري السابق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فاستخدمت حقّ النقض الفيتو ضدّ قرارات تدين النظام، ودعت مراراً وتكراراً إلى رفع العقوبات الأحادية الجانب غير القانونية، وإلى حلّ سياسي للأزمة السورية، ورفضت التدخّلات العسكرية في البلاد.

وبعد أن هاجم المسلّحون حلب الشهر الماضي، أكدت بكين مجدداً دعمها لنظام الأسد، وأعلنت استعدادها للمساهمة بشكل إيجابي لمنع تدهور الوضع في البلاد. 

لكنّ الأحداث في سوريا تسارعت بشكل كبير وانتهت في نهاية المطاف إلى عقد اتفاقيات بين مختلف الأطراف المعنية أدت إلى إسقاط نظام بشار الأسد الذي فرّ إلى روسيا وحصل على اللجوء السياسي.

عوامل عديدة كانت تدفع الصين إلى إبقاء دعمها لنظام الأسد منها اقتصادية وسياسية وأمنية.

فعلى الصعيد الاقتصادي، صحيح أنّ السوق السوري ليس كبير الحجم يمكن أن تعتمد عليه الصين، ولا سيما في ظلّ انهيار الاقتصاد السوري والعقوبات الأميركية المفروضة على دمشق، والحرب الأهلية التي مزّقت البلاد، إلا أن ما كانت تعوّل عليه بكين هو أن يكون لها موطئ قدم في سوريا بعد إيجاد حلّ للأزمة واستتباب الأمن، لذلك كانت ترغب في حال توفّر الأوضاع الأمنية المناسبة البدء بإعادة تطوير حقول النفط المتفق عليها مع الجانب السوري وتوقيع المزيد من العقود النفطية. والآن مع سقوط النظام ووجود حكومة انتقالية قد تعمل الأخيرة على رفض أو تغيير العقود التي أبرمها النظام السابق مع الصين.

سعت بكين إلى أن يكون لها دور في إعادة الإعمار، وقد أعلنت مراراً عن رغبتها في ذلك. مثلاً، في العام 2017، أكّد المبعوث الصيني الخاصّ حينها إلى سوريا شيه شيا ويان استعداد بلاده للمشاركة في إعادة إعمار سوريا. وكان الرئيس السوري السابق قد طلب مساعدة بكين في إعادة الإعمار ورحّب بالاستثمارات الصينية.

ومن ناحية أخرى، لسوريا موقع مهم في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وكانت بكين تطمح في أن تستثمر في مرفأي طرطوس أو اللاذقية بالاتفاق مع روسيا التي لها قواعد عسكرية في مرفأ طرطوس وقاعدة حميميم في اللاذقية، ومن المحتمل أن تكون الصين قد خطّطت لكي تكون لها قاعدة عسكرية هناك.

 كما أثار مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا اهتمام الصين، لأنها كانت تهدف إلى ربطه بمبادرة الحزام والطريق.

أما على الصعيد السياسي، فقد عرضت بكين مراراً وساطتها لحلّ الأزمة في سوريا وقدّمت عدة مقترحات لذلك. ودعمت إلى جانب روسيا وإيران النظام السابق ضدّ العقوبات الأميركية المفروضة عليه والتدخّلات الخارجية واستخدمت حقّ النقض ضدّ قرارات مجلس الأمن التي تدينه.

 لقد أخذت الصين، خلال السنوات الأخيرة، تنخرط بحذر في نزاعات الشرق الأوسط، سواء عبر التوسّط بين السعودية وإيران، أو المساهمة في التقريب بين سوريا والدول العربية، أو استقبال الفصائل الفلسطينية في بكين. 

وفي إطار آخر يأتي تقارب الصين من الشرق الأوسط في ظلّ المنافسة الصينية الأميركية، وربما ساعد ابتعاد الولايات المتحدة الأميركية عن دول المنطقة، في بداية ولاية إدارة بايدن، الصين على الانخراط في الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط. ولكن مع عودة اهتمام الإدارة الأميركية بالمنطقة، وجدت الصين أن أميركا ستعارض دخولها إلى الشرق الأوسط ، ومع ذلك استمرّت في مساعيها لحلّ النزاعات مع علمها بأنّ جهودها لن تفضي إلى أيّ نتيجة.

ربما يدرك صنّاع القرار السياسي في الصين، أنّ اللاعبين الإقليميين والدوليين في الشرق الأوسط كثيرون، ولا تريد بكين أن تغوص في مستنقع الصراعات في المنطقة، وترى أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت القوة صاحبة النفوذ فيه، وهو ما أظهرته الأحداث التي وقعت منذ طوفان الأقصى والحرب بين حزب الله و"إسرائيل".

انتهی/

الكلمات الرئيسة
رأیکم